ما أجمل أن تموت على وطنيتك، ما أجمل أن ترى صفاءك فى وجوه القبح الساكن فى المحروسة، ما أجمل أن تتمتع بإدراكك عندما تغيب عقول الفهم، ما أجمل أن تسعى لوطنك بينما يتربص به المظلمون، ما أجمل أن ترى نفسك فى المرآة كريماً فارع القامة مثل الحق، ما أجمل أن تشعر بأن هناك من يتقاسم معك الحلم بدولة، ما أجمل أن تسكن بيوتاً لن يسكنها سوى الصادقين، ما أجمل أن تحذف من «ريسيفرك» قنوات الفتنة، ما أجمل أن تدير مؤشر مذياعك أو تبحث فى «يوتيوبك» على حليم ينشد «عدى النهار والمغربية جاية»، ما أجمل أن تبحث عن شىء يمنحك أملاً فى المستقبل ويقيناً بالحاضر بعيداً عن هؤلاء، وهؤلاء هم قصتنا اليوم، هؤلاء هم تجار القبح، راكبو الموجة، مفسدو أجواء الصفاء الوطنى، من يشخبطون على لوحة الشرف الثورى، من يفتحون طريقاً للظلام لكى يعود، من يبنون جداراً بين يونيو ويناير، من يمنحون جماعات الإظلام السياسى قُبلة للحياة، من يبثون روحاً انتقامية ثأرية مختلقة، من يسيئون إلى حركة الجماهير، هم الفئران ينتظرون الآخرين الفاعلين ليقفزوا على المناضد ليحصدوا المكاسب! الشتّامون اللاعنون لا يصنعون وطناً، ولن يجد العملاء التابعون سوى قمامة التاريخ، الصادقون هم فقط من يعطون لأوطانهم الأنفاس للحياة، هم فقط من يضحون بالأرواح ليعيش الآخرون، الصادقون تاهوا فى المشهد المزرى، وتعالت أصوات الكراهية، أصوات الانتقام، أصوات الفساد، وكأن التاريخ بدأ فى 30 يونيو فى مغالطة لو صدقها البعض لذهب الوطن إلى غير رجعة، الحلم وُلد هناك فى التحرير فى شتاء 2011، وسُرق هناك أيضاً واستعدناه بوطنية شعب وجيش وشرطة، أيها الصادقون، صوتكم عالٍ فلا تخشوا المفسدين، أيها الجيش الوطنى.. صوتك من قلبك فلا تدع سواقط القيد السياسى وأصحاب بيوت الانحلال الأخلاقى يتحدثون بلسانك ولسان ثورتنا، والقلب إذا حمل الإخلاص فإنه يحمل أيضاً مضغة الشر، مضغة الشر وُجدت فى يناير، ومضغة الشر وُجدت أيضاً فى يونيو، فهؤلاء وهؤلاء شر راسبوتينى، ينبغى لنا محوه أو حتى استيقافه أو إيقافه، المشهد لن يحتملهم ولن نسمح بخطيئة مثل خطيئة ما بعد يناير، الثورة ليست ملكاً لشخص أو تيار.. هى ثورتنا جميعاً، والممثلون سواء فى القصر أو الحكومة أو الخمسين هم خدام عند الشعب، لن يتحدث أحد باسمنا كأننا قطيع ولكن نعطى الثقة لمن نأتمن إذا أشعرنا بأنه لنا ومنا وليس ضدنا وعلينا، نأتمنه إذا وقف ضد كل من يعطلنا ويعرقل مسيرنا، نأتمنه إذا لم يسرق أحلامنا فى الحرية والديمقراطية، نأتمنه إذا حارب الطابور الخامس فى يونيو وطيور الظلام والساعين إلى الفرقة، إنها لحظة كاشفة لأننا نرى فيها وجوهاً قبيحة من الماضى تنفض عنها غبار الفساد والاستبداد لترتدى حلل الوطنية الكاذبة، مصر لن تعود إلى الوراء والنظام الفاسد زال من الوجود، وما دام هنك شعب فاخشوه، فالقادمة قاصمة!!