ينظم البرلمان الفرنسي اليوم جلسة نقاش حول صواب التدخل العسكري في سوريا، فيما تتزايد الضغوط على الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند كي يحذو حذو أمريكا ويطرح هذه المسألة للتصويت. ويأتي ذلك فيما ناشد رئيس مجلس الشعب السوري النواب الفرنسيين رفض أي "عمل إجرامي متهور"، في إشارة إلى الضربة العسكرية التي يفترض أن يناقشها الكونجرس الأمريكي اعتبارا من التاسع من سبتمبر. والرئيس الفرنسي غير ملزم بالحصول على موافقة برلمانية للتحرك، لكن مع تشكك الرأي العام الفرنسي إزاء الضربات العسكرية، يطالب العديد من البرلمانيين بإجراء تصويت. وأظهر استطلاع للرأي عشية النقاش البرلماني أن نحو ثلاثة أرباع الفرنسيين يريدون التصويت على أي عمل عسكري. وكتبت صحيفة "ليبراسيون" اليوم أن "النقاش سيكون محتدما"، مضيفة أنه "بعد قرار أوباما طلب موافقة الكونجرس (...)، على فرنسوا أولاند أن يطلب تصويتا برلمانيا من أجل إضفاء شرعية على تحركه". ولم تستبعد حكومة أولاند إجراء تصويت، لكن الرئيس الفرنسي حريص على تجنب رفض محرج لضربة عسكرية مثل ذلك الذي واجهه رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الأسبوع الماضي. وسيعرض رئيس الوزراء جان مارك آيرولت مجددا على النواب الخط الدبلوماسي الفرنسي، الذي يقوم على جمع ائتلاف دولي لمعاقبة الرئيس السوري بشار الأسد على استخدام أسلحة كيميائية ضد شعبه، كما تتهمه واشنطن وباريس. وأبدى الرئيس الفرنسي أمس المزيد من التصميم على التدخل ضد نظام الأسد، الذي يحمله مسؤولية المجزرة التي وقعت في 21 أغسطس في ريف دمشق واستخدمت فيها أسلحة كيميائية. وأعلن الاتحاد من أجل حركة شعبية، الحزب المعارض اليميني الرئيسي، انه سيطالب بعملية تصويت في البرلمان في حال التدخل عسكريا خارج إطار الأممالمتحدة، غير أن رئيس كتلة الحزب في الجمعية الوطنية كريستيان جاكوب، أضاف أن عملية تصويت "لن يكون لها أي معنى"، إذ لم يتم اتخاذ أي قرار بالتدخل بعد. ولا يُلزم الدستور الفرنسي باستشارة البرلمان إلا في حال تخطت العمليات العسكرية الخارجية مدة أربعة أشهر. ويؤيد الحزب الاشتراكي الذي ينتمي إليه أولاند، إلى حد كبير شن الضربات، لكن عدة كتل برلمانية أخرى شككت في ذلك، وبينها الاتحاد من أجل حركة شعبية. ويمكن أن تُطرح مسألة تنظيم نقاش جديد يليه تصويت في فرنسا بعد طرح التدخل على الكونجرس اعتبارا من التاسع من سبتمبر. وقال أولاند: "لم نصل إلى هذه المرحلة بعد"، مشيرا إلى أنه سيتوجه للفرنسيين في الملف السوري "حين تتوفر لدي جميع العناصر". ويؤيد 74% من الفرنسيين إجراء عملية تصويت قبل أي تحرك عسكري ضد سوريا، بحسب ما كشفه استطلاع للرأي أجراه معهد "سي إس إيه" لحساب شبكة "بي إف إم تي في" في الثاني والثالث من سبتمبر، وشمل 953 شخصا. وإذا رفض الكونجرس التحرك عسكريا ضد نظام دمشق، فإن الرئيس الفرنسي أكد أن "فرنسا لن تتحرك وحدها"، لكنه أضاف أنها "ستتحمل مسؤولياتها أيضا عبر دعم المعارضة في سوريا حتى يكون هناك رد"، بدون أن يكشف المزيد من التوضيحات. والانقسام في فرنسا حول التحرك في سوريا يتناقض كثيرا مع الدعم الكبير الذي حظي به أولاند حين قرر إطلاق عملية عسكرية في مالي في وقت سابق هذا العام. ومن جانب آخر، ناشد رئيس مجلس الشعب السوري جهاد اللحام، البرلمانيين الفرنسيين رفض أي "عمل إجرامي متهور" بحق سوريا، في إشارة إلى ضربة عسكرية غربية محتملة ضد بلاده. وقال اللحام إن "البرلمانيين السوريين مصممون على الحصول على الحقيقة" المتعلقة بهذا الهجوم الذي وقع في 21 أغسطس، مطالبا النواب الفرنسيين ب"عدم التسرع بتنفيذ عمل إجرامي متهور، لأن من صلاحيتكم أن تخرجوا الجمهورية الفرنسية من سلوك طريق الحرب إلى طريق الدبلوماسية"، وذلك في رسالتين إلى رئيسي مجلس الشيوخ والجمعية الوطنية الفرنسيين. وعشية النقاش في الجمعية الوطنية، حذر الرئيس السوري أمس في حديث لصحيفة "لو فيجارو" الفرنسية، من أنه "إذا كانت سياسة الدولة الفرنسية معادية للشعب السوري، فإن هذه الدولة ستكون عدوة (...) وستكون هناك انعكاسات سلبية بالطبع على مصالح فرنسا"، وإثر ذلك، أكد الرئيس الفرنسي أنه بات "أكثر تصميما" بعد قراءة هذه المقابلة.