ليس شخصاً عادياً، على الأقل فى نظر من خالطوه فى علاقات اجتماعية أو حتى لقاءات عابرة، وليس ملاكاً، فزمن الملائكة ولَّى منذ أن وحدت الأرض الحمد والشكر للمولى عز وجل.. هو بين كليهما بمسافة واحدة، ارتفع عن البشر فى سيطرته على الهوى والنفس الأمَّارة بالسوء، ودنا عن الأنبياء فى المثل الشعبى «ما كامل إلا محمد صلى الله عليه وسلم». ضمن فئة «الشخصيات العامة» برز اسمه، وسط 49 آخرين تم اختيارهم لتكوين ما اصطلح على تسميته «لجنة الخمسين لتعديل الدستور»، دون أن يتضح هدف التعديل «إصلاح ما أفسده دستور الغريانى» أم «إصلاح عوار قانونى عام فى الدستور المصرى منذ وضعه». سيُكتب فى سجل د. مجدى يعقوب، جراح القلب الشهير، أنه طوال العهود السابقة لم يحسبه أحد على نظام، فمروره بعهد «مبارك» -رغم حصوله على قلادة النيل فى نهاية عهده- لم يختلف عن مروره بعهود المجلس العسكرى و«مرسى» وحتى عدلى منصور، وظهوره فى المشهد السياسى لم يزِد على مجرد ترشيحه لمناصب حكومية من «رئيس وزراء إلى وزير صحة»، انطلاقاً من شعبية الرجل وسيرته التى لم تلوثها السياسة. حين طل «يعقوب» بهيئته عبر إعلان تليفزيونى فى رمضان الماضى ليقول للمصريين «شكراً»، علا الاستنكار الوجوه، مَن يوجه الشكر لمَن، المانح أم الممنوح؟ ربما لا يعرف الرجل أنه داخل قلوب المصريين، سواء التى طالتها يداه جراحياً، أو التى تنتظر تدخُّله، أو حتى التى تابعت رحلته، منذ تخرجه فى طب قصر العينى، وحتى رحلته فى أمريكا وبريطانيا حاصلاً فى كل منهما على شهادات طبية توَّجته «ملكاً» على القلوب. «تمنح الجائزة للأشخاص الذين ساهموا بأشكال مختلفة من العطاء والشجاعة أو ممن ساهم فى التنمية الاجتماعية والمحلية».. هكذا انطبقت عليه كل شروط «فخر بريطانيا» الجائزة التى حصل عليها فى 2007.. «أجرى أكثر من 20 عملية قلب فى بريطانيا وساهم أيضاً بعمل جمعية خيرية لمرضى القلب من الأطفال»، وهكذا اختارته جمعية القلب الأمريكية «أسطورة الطب فى العالم» فى يوليو الماضى. فى غرفة عمليات «تعديل الدستور» يرتدى الرجل قفازاته الطبية، ويستعد للجراحة التى قد تضفى على سيرته الذاتية الكثير، وقد تأخذ منها أكثر مما تعطيها، خاصة بعدما تسارعت الألسنة بالهجوم عليه، تارة من تيارات محسوبة على «الإخوان»، حين وصف علاء عبدالهادى عضو جبهة الضمير اختيار «يعقوب» بأنه «اتجار باسم الجراح الشهير»، وأخرى من تيارات محسوبة على «الميدان الثالث» سجلت اعتراضها على تشكيل اللجنة بغالبية أعضائها. يدخل «يعقوب» الجراحة -إن أراد- وأمامه عدة تحديات، قد يواصل نجاحه ويعيد الحياة للقلب العليل، وقد يتوقف القلب عن النبض ويظل الدستور فى حالة «وفاة إكلينيكية».