حين تكتشف أنك أمضيت ثلث عمرك فى الطريق الخطأ، يصبح وجعك مضاعفاً. ندم على الماضى، ويأس من المستقبل. هذا بالضبط ما يشعر به خريجو المدارس الفنية فى مصر، وهم ينظرون كل يوم إلى شهاداتهم وآمالهم المعلقة بسبب البطالة التى تحيط بهم كل يوم. على أحد المقاهى بمنطقة الحى السابع، يجلس أحمد فتحى الحاصل على دبلوم صناعى منذ عام 1998، ويقول: «الدبلومات شهادة الفقراء فى مصر وللأسف ليس لها سوق للعمل وشهادة الدبلوم لا قيمة لها، أكثر من 13 سنة وأنا أحاول أن أعمل بشهادتى ولا أجد فرصة، تقدّمت للعمل فى إحدى شركات الأمن، فطلبوا منى أن أتقدم بشهادة الإعدادية فقط». أما «أيمن» وهو طالب فى السنة الثانية بالمعهد الفنى التجارى، فقد قرر أن يترك المعهد ويعمل فى أحد محلات مستلزمات الحدايد والبويات، بعدما تخرّج شقيقه الأكبر من نفس المعهد ولم يجد عملاً منذ أكثر من 5 سنوات. قال الدكتور كمال مغيث الخبير التربوى، إن التعليم الفنى الآن فى أسوأ حالاته، فمؤشرات البطالة بين خريجى التعليم الفنى أعلى مستوى بطالة فى مصر، فى حدود 70% من إجمالى البطالة، حيث 20% منها من حملة المؤهلات العليا، و25% منها أميون، فيما تبلغ نسبتها 65% من حملة المؤهلات المتوسطة. وأضاف «مغيث» أن كثيراً من طلاب التعليم الفنى لا يجيدون القراءة والكتابة، وهذا معناه تدنى أساليب تعليمهم، لافتاً إلى أن تدهور مستوى التعليم الفنى فى مصر يرجع إلى عدم توافر فرص عمل، نتيجة تدهور الصناعة والتجارة والزراعة، التى انحدرت خدماتها فلم يجد خريج التعليم الفنى بناء على ذلك الخدمات التى يخدم عليها، وانعكس ذلك بشكل مباشر على الخريجين ومستواهم. وأشار «مغيث» إلى أن التعليم الفنى يأتى فى ذيل اهتمامات وزارة التربية والتعليم، حيث يصنّف التعليم الفنى على أنه تعليم الفقراء، مشدداً على أن الاهتمام بالتعليم الفنى قبل أن يكون قضية وزير فهو قضية سياسية وقضية دولة، لا بد لها من الاهتمام بالتعليم الفنى وتوفير الإمكانيات له، فالتعليم الفنى يحتاج إلى إرادة سياسية، تضع له الميزانية الملائمة التى تخصص له تحديداً. وأوضح «مغيث» أن الإقبال على التعليم الفنى يمثل 65% من طلاب المرحلة الإعدادية، فيما يدخل 35% من طلاب المرحلة الإعدادية، الثانوية العامة، وذلك وفقاً لإحصائيات وزارة التعليم، حيث تحرص الدولة على هذه النسبة منذ زمن، حيث يحتاج طلاب التعليم العالى من الدولة مكاناً فى الجامعة، ومصاريف زائدة، وهى لا تريد أن تشغل نفسها بهذا. فطلاب التعليم الفنى يتدربون، على آلات تعود إلى الستينات، حيث عفا عليها الزمن، وبذلك يدرك الطالب أنه حين يتخرّج فى مدرسته، فعليه أن يبدأ مشواراً طويلاً مع التعليم من جديد بعد دخول سوق العمل، للتوافق مع متطلباته.