يميل الكثير من خبراء الأنظمة الانتخابية إلى الانتخاب بالقائمة النسبية، مؤكدين أن هذا النظام يضمن لكافة الطوائف والآراء الفوز بفرصة التمثيل النيابى، وأن تفاوت حظ ونصيب كل قائمة فى مقدار هذا التمثيل نتيجة اختلاف وتفاوت نسبة ما حصل كل منها عليه من الأصوات، كما تتيح الاختيار على أساس الأفكار والمبادئ والبرامج التى تقدمها الأحزاب صاحبة القوائم، يساعد فى الحد أو منع سيطرة النزاعات القبلية والعشائرية، ويرى الخبراء أنه يمنع سيطرة رأس المال وتسلله لإفساد إرادة الناخبين، كما يمنع أيضاً الانتخاب على أساس العوامل الشخصية، التى تكون هى أساس التفضيل لاختيار المرشح، فضلا على تشجيع الأحزاب لاختيار العناصر الصالحة لتصدر بها قوائم، ويساهم فى تمثيل بعض الفئات المهمشة فى المجتمع، خاصة المرأة. فى الحقيقة كل هذه الامتيارات لنظام القوائم النسبية تشترط قاعدة أساسية حتى تتحقق، وهى وجود حياة حزبية قوية بالأساس، وإلا لن يتحقق أى مما ذكر، ونظرا للضعف الشديد للحياة الحزبية فى مصر، لعوامل عدة لا موجب لذكرها الآن، فضلا على هشاشة التجربة الحزبية بعد الثورة وإغراقها فى مستنقع الخلط بين الدينى والسياسى والأحزاب ذات المرجعية الدينية، جعل الانتخابات البرلمانية بعد الثورة من أسوأ انتخابات شهدتها مصر، رغم تمتعها بكل ما جاء فى الكتاب من حديث حول الأطر الديمقراطية، لكن الغلبة كانت لأحزاب لا تعمل بالسياسة بالأساس، وإنما استخدمت الدين كسلعة، ورغم كونها من الضعف وافتقاد الكوادر إلى الحد الذى دفعها إلى استكمال قوائمها ممن ليس لهم علاقة بالعمل العام، فإنها ساهمت فى عضوية برلمان تتمتع بجهل غير مسبوق ببديهيات السياسة والتشريع، وبالتأكيد لم تضمن القوائم دمج أى من الفئات المهمشة، بل ساهمت فى إقصاء النساء بصورة عجيبة، فقد وصلت نسبة النساء فى انتخابات 2011 إلى 1.8%، فكانت فى سابقة لم تحدث فى أى دولة فى العالم انتهجت القوائم النسبية، رغم وصولها فى ثمانينات القرن الماضى بالقوائم النسبية ودون كوتة فى مصر إلى حوالى 10%! والآن بعد تصحيح مسار الثورة فى 30 يونيو والمشاركة غير المسبوقة للنساء فى الحفاظ على الدولة المصرية، وما أثبتته التجربة أن الإهمال المتعمد للمرأة المصرية لعقود، ساهم فى استخدامها بصورة كبيرة واستثمار ما تعانيه من تجاهل وفقر وتمييز. وأيا كان النظام الانتخابى، لا بد أن يدعم المشاركة السياسية للمرأة بما لا يقل عن الثلث، سواء الفردى أو القائمة أو النظام المختلط. لذا ضرورة النص فى النظام الفردى على تخصيص مقاعد للمرأة، على مستوى كل دائرة انتخابية، بواقع أن يكون للدائرة الانتخابية ثلاثة أعضاء، 2 من الرجال.. و1 مرأة. ليكون إجمالى أعضاء مجلس الشعب ما يقرب من 600 عضو، طبقا لتقسيم الدوائر، على أن تمثل كل دائرة بواقع 3 أعضاء، تقسيم الدوائر الانتخابية بطريقة تضمن أن تكون الدوائر الانتخابية متلائمة ومتناسبة فى حدودها الجغرافية والبيئة الانتخابية، وأن يتبع عند رسم حدود الدوائر الانتخابية التقسيم الإدارى للمحافظة. أما فى النظام المختلط، الذى يجمع بين القائمة والفردى، فضرورة التأكيد على وضع المرأة على القائمة، بما يضمن تمثيلا لا يقل عن ثلث المقاعد، بأن تكون القائمة مناصفة بين النساء والرجال وبالتتابع، مع ضمان المشاركة على الفردى، وذلك حتى نحقق مشاركة حقيقية للمرأة المصرية التى أصبحت قضية سياسية وتنموية حقيقية، للحفاظ على أمن مصر وعدم ترك المرأة مهملة ومهمشة، نهبا للجماعات الظلامية التى تستخدمها وقودا للمعارك الانتخابية والسياسية ودروعا بشرية للاعتصامات.