أعلم أن الكلمة مسئولية وأدرك حدة سيفها البتار.. وأفهم أنها قد تضىء للناس نوراً، وأنها قد تشعل فى حياتهم النار.. حدث ما حدث وكان ما كان وكان لا بد حادثاً لأنه قدر من الأقدار.. فاللهم اجزنا خيراً عن كلام الخير واغفر لنا سواه يا عزيز يا غفار.. وستبقى مصر بإذن الله أرضاً طيبة تجرى من تحتها الأنهار.. فذلك وعد وعدها إياه العزيز القادر القهار. أقول هذه المقدمة تحسباً لكل كلمة أكتب بل لكل حرف، ذلك لاستشعارى أهميته وخطورته فى هذه اللحظات العصيبة التى تمر بها مصر والأمة العربية كلها، وأدعو الله قائلاً: اللهم اجعلنى واحداً ممن يضيئون مصابيح للناس لعلهم يستدلون بها على الحقيقة بالغين طريق الحق. اللهم ولو سخرتنى شمعة ضئيلة أمسك بها إذا ما حل الظلام، وحتى لو تحللت تلك الشمعة فى يدى واتصل عندها النور بالنار، فاجعل لهيبها فى أصابعى دفئاً فى قلبى، واجعل حريقها عند أطرافى غناءً فى قلمى وفى أوراقى. سوف يتم ضرب سوريا يومين أو ثلاثة أو ربما أسبوعاً أو شهراً حتى يسقط الجيش السورى، بالمناسبة «النظامى والحر». وما نعلمه يقيناً من دروس التاريخ البديهية أن انهيار سوريا خطر داهم على مصر، فهل ما نعلمه يكترث له الجميع أو أن البعض ما يزال مستخفاً بكل شىء يحدث والضحك لا يفارق فاه، فبالأمس ورغم كل ما يحدث تركت أناساً يضحكون، وربما منى ومنكم يسخرون؟ وللحق رأيت آخرين من فرط مرارة النفس أيضاً يضحكون، لقد بدا المشهد أمامى كأنه ضرب من الجنون، فقررت أن أكتب رسالتى تلك إلى المواطن العربى عنوانها «اضحك»، آملا أن يفهمها، ولكن كما ينبغى أن يفهم العاقلون: «اضحك دونما سبب، ولا يهمك أن يكون ذلك قلة أدب، اضحك فالضحك الآن معتمد فى ديوان العرب. اضحك واملأ صدرك بالضحك فسوريا سوف تضرب، نعم، سوف يضرب الشام تماما كما ضرب العراق، ولسوف يزداد بين العرب الشقاق ويمتد بينهم الفراق. اضحك قبل أن تلتف الساق بالساق فإلى ربك يومئذ المساق. اضحك فأنت لا صدق ولا صلى ولكن ضحك وتولى، حتى صارت رقبته فى حبل الخناق. اضحك يا أعظم مصنع للضحك، وصدر إنتاجك للرفاق. اضحك، فلا أمتع من أن تضحك عند الإخفاق. اضحك حتى يهلكك الضحك، فتموت من الإرهاق. اضحك، فهذا كما قالوا ثمن الشوق إلى الحرية، فتعلم ألا تشتاق. اضحك، واحذر أن تصحو من غيبوبة الضحك، فترى شرقاً يغرب لأنه شرق بلا إشراق. اضحك، فتلك سياسة أمة تطلقها حين يحل الجدب. اضحك، فمصيرك مرهون بكل من هب ودب. اضحك، وانسَ يا مسلم أن هذا السفه يمقته الرب. اضحك، والناس تموت، وقل لم أذنب أبداً سوى هذا الذنب. اضحك، ولا يعنيك أن يكون الضحك دواءك أو داءك أو حتى داء الكلب، إن تحمل عليه يلهث وإن تتركه يلهث، لكنه لا يغير شيئاً فى الظاهر أو فى اللب. اضحك، فهذا أمر إمبراطورى جمهورى ملكى عربى أمريكى لك أنت، فأنت ابن الشعب.