سيارات قديمة، بيضاء اللون، ماركة رمسيس، موديل 81، تتراص متجاورة على غير العادة، داخل موقف سيارات الأجرة بكرداسة، تتحرك فى أربعة خطوط تربط المدينة ذات الطابع الريفى، بمحافظة الجيزة التابعة لها إداريا، ميكروباصات كل خط سير تقف متجاورة فى زاوية معينة، يفصلها عن غيرها مسافة صغيرة، الخط الأول ينقل الأهالى إلى جامعة القاهرة، والثانى إلى الهرم، بينما الثالث إلى مشعل وفيصل، والأخير الرابع سيارة تنقل الأهالى إلى أسفل محور أكتوبر فى أبورواش. «إحنا مالناش دعوة بحاجة والخراب كله على دماغنا»، بهذه الكلمات عبر أحمد وجدى ذو ال36 عاما عن حال السائقين بعد المذبحة الأخيرة، التى تورط فيها قلة من أهالى كرداسة، بمعاونة أكثرية من خارجها، «هناك أكثر من 28 قرية تتبع مركز كرداسة، شارك العشرات من أهلها فى اقتحام القسم والاعتداء على قوات الأمن، ولم تتحرك الشرطة للقبض عليهم، واكتفت باتهام أهالى كرداسة بأنهم إرهابيون، وأخذت العاطل فى الباطل دون أن تفرق بين أحد منا». «فى الأيام العادية قبل المغرب زى دلوقتى بيكون الموقف فاضى لأنه يعتبر وقت الذروة وكل الناس راجعة من شغلها، لكن بعد الحظر وقتل مأمور القسم وبعض الضباط الحال وقف زى ما أنت شايف»، بصوته العالى ويده التى لا تتوقف عن الحركة، يتحدث ياسر محمود سائق سيارة أجرة على خط الهرم، يصمت لبرهة، يحكى بعدها عن يومه فى العمل «أخرج من بيتى 6 صباحا، وأظل فى الشارع حتى 7 مساء، موعد تطبيق الحظر، وبسبب تكدس السيارات لا نقوم بالتحميل أكثر من ثلاث مرات فى اليوم، وآخر اليوم لو ذهبت إلى بيتى ب70 جنيها أكون سعيدا، بينما فى الأيام العادية كنت أعمل من 6 صباحا حتى الثانية ظهرا، وأذهب إلى بيتى ب170 جنيها». ولا تقتصر معاناة سائقى كرداسة على ذلك وإنما تمتد إلى الإهانة والضرب سواء فى كمائن الشرطة أو محاولات أقارب الضحايا الانتقام منهم كما حدث فى الدقى، وفقا لرواية أحد أقاربه ويدعى حسن شريف (سائق)، موضحاً قيام أبناء أحد الضباط الذين سقطوا فى اشتباكات القسم بضرب ثلاثة أشقاء من أبناء كرداسة لا ذنب لهم فيما حدث، ما دفع قوات الجيش للتدخل والقبض على الأشقاء الثلاثة وهم «عاطف ومحمد وأحمد عبدالعزيز حلاوة»، ولم نعرف مكانهم حتى الآن. وتستمر معاناة سائقى كرداسة أثناء مرورهم على كمائن الشرطة أو الجيش، كما يقول حسن شريف، «مجرد معرفة أننا من كرداسة يطلب منا الضابط أو أمين الشرطة النزول «انزل يا إرهابى» ومن يعترض يتم القبض عليه، والسائق صاحب الحظ السيئ من يقع فى يد أحد أصدقاء أو أقارب أحد ضحايا أحداث كرداسة الأخيرة». يتحدث مجموعة من السائقين عن دورهم فى تهريب باقى أفراد الأمن المكلفين بتأمين القسم، خاصة من الجنود وأمناء الشرطة، ويقول أحمد محمد ذو ال27 عاما، «إن الذين سقطوا ضحايا من قوات الأمن 13 فقط، بينما باقى قوات القسم إحنا اللى حميناهم داخل بيوتنا، ورغم ذلك نعامل على أننا إرهاربيون». أخبار متعلقة : تجار الشارع السياحى: بنينا اسم كرداسة فى سنوات.. فضيّعه الإرهابيون فى نصف ساعة الأهالى: لسنا إرهابيين.. و«إخوان» القرى المجاورة شوهوا صورتنا باحث إسلامى من أبناء «كرداسة»: المدينة نموذج ل«رابعة».. والقيادات هربت وتركت الغلابة وقت «الحظر».. هدوء وترقب عند المداخل وحركة فى قلب المدينة والمحلات تغلق قبل المغرب الجماعات المتطرفة والبلطجية يفرضون سيطرتهم ب«قوة السلاح» وكر آمن للجماعات الإسلامية.. بلطجية ومسلحون بالشوارع ليلاً.. والأهالى مختبئون فى منازلهم