ينجح الإخوان دائماً فى الهدم وإثارة الانشقاق لدى الآخرين، بل وفرض موضوعات على أجندة القوى السياسية والرأى العام؛ فبعد أن انتهوا من «فتنة السيسى» التى استغرقت النخبة وهل سيكون الفريق أول عبدالفتاح السيسى مرشحاً للرئاسة أم سيدفع بقيادة عسكرية أخرى؟ وللأسف وقعت رموز النخبة فى الفخ «الإخوانى» دون استيعاب أن اللحظة الراهنة أخطر وأهم من هذا الجدل وأن الصراع الحالى حول وجود دولة اسمها مصر من عدمه وليس حول شكلها. انتهت «فتنة السيسى» بعد أن شقت الصفوف قليلاً فقام الإخوان بدحرجة فتنة 25 يناير و30 يونيو، وللأسف بعض من النخبة وقعوا فى الفخ للمرة الألف ورأينا من يتحدثون عن ثورة يناير على أنها «البقرة المقدسة» ويعتبرون 30 يونيو مجرد موجة ثانية أو ثالثة منها.. وتحول بعضهم دون أن يدرى إلى «عبدة يناير»، كما وصفهم الكاتب الصحفى إبراهيم عيسى فى برنامجه «هنا القاهرة» على قناة «القاهرة والناس». فى المقابل، يتجه آخرون إلى اعتبار ثورة 30 يونيو «أم الثورات» وفقاً لنسب المشاركة (33 مليوناً) وأنها ضمت تنوعاً بين الأجيال والفئات والطبقات وليس لأحد فضل عليها؛ فالجميع شاركوا بنفس القدر.. ويعتبر أصحاب «يونيو» أن «انتفاضة يناير» كما يسمونها لم تخلُ من المؤامرة، سواء من الإخوان أو حماس أو بعض أجهزة المخابرات الأجنبية، بينما ثورة يونيو وطنية خالصة مثل «السمن البلدى» بدليل أن المحافظات شاركت بدرجة أكبر بكثير مما حدث فى «يناير».. كما يرى هؤلاء أيضاً أن «يناير» قد فشلت بوصول الإخوان إلى الحكم باعتبارهم كانوا امتداداً لنظام «مبارك» بل وأسوأ منه بكثير. مما لا شك فيه أن ثورة يناير تعرضت لطعنات عديدة بسبب عدم خبرة من تصدروا مشهدها واتجاه بعضهم لتأييد الإخوان أو بحثاً عن المصلحة، كما أن موقف بعض رموزها «المائع» وعلى رأسهم «البرادعى» وغيرهم من الإخوان خلال الفترة الماضية وعدم قدرتهم على تحمل المسئولية، قد أدى، بما لا يدع مجالاً للشك، إلى الضرب فى «يناير».. ويبدو أن بعض من أسهمت ثورة يناير فى ظهورهم بل وتاجروا بها واكتسبوا منها كثيراً على حساب الشباب الطاهر الذى خرج وقتها ساعدوا بشكل أو آخر على تنفيذ الفخ الإخوانى بالهجوم على ثورة 30 يونيو، وهو أمر المفترض أن يزعج كل شرفاء الثورتين (25 يناير و30 يونيو)؛ لأن الوطن الآن فى أمسّ الحاجة إلى النظر للأمام وليس للخلف فى ظل مخطط دولى لاحتلال مصر من قِبل أمريكا والتنظيم العالمى للإخوان بأدواته المختلفة مثل تركيا وقطر وحماس وغيرها. الأغرب أن دعاة المصالحة والحوار مع عصابة الإخوان الإرهابيين ممن ينتمون إلى «25 يناير» أو «30 يونيو» أو الاثنتين معاً لم يفكروا فى إجراء مصالحة بين متظاهرى الثورتين، خاصة أنهم وقفوا سوياً مع الدولة المدنية وضد الاستبداد الدينى وضياع الدولة المصرية، حتى لو كانت هناك تفاصيل خلافية أخرى، لكن الوطن فى النهاية أحوج إلى جهود كل أبنائه طالما اعترفوا وأقروا ببناء نظام جديد يحافظ على ثوابت الدولة المصرية ويكون قاطرتها للتقدم والمنافسة، أما الصراع والاختلاف بين «25 يناير» و«30 يونيو» فبالإضافة إلى أنه «أمر شكلى» لأن من خرج فى «يناير» من أجل العيش والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية كما أن من خرج فى «يونيو» أضاف إليها الدولة والاستقلال الوطنى، وكل هذه الأهداف لا يختلف عليها أحد، سواء كانت الوسيلة «يناير» أو «يونيو»، أما الصراع بين الثورتين فهو يصب فى صالح المؤامرة الإخوانية على مصر وسيقضى على «يناير» و«يونيو».. وأيضاً العشرة أشهر الباقية من العام!!