أقلب فى دولابى، وتقريبا قلبته كله بحثا عن «عفركوش».. وعفركوش هو فانوسى الصغير، قررت أن أخرجه من دولاب ذكرياتى أسترجع معه أيامى التى ولت، أحن إليه وصوت محمد فؤاد يتخللنى «ساعات بشتاق ليوم عشته وانا صغير لشكلى قبل ما اتغير لأيام فيها راحة البال عشان كنا ساعتها عيال».. أحن إلى يومى وأنا طفلة وإلى اهتماماتى وإلى حاجاتى، أجلس إلى رفاقى أتذكر أيامنا معا، إسكندرية على البحر، مقالب الثانوى، وأحلام الإعدادى، براءة الابتدائى وتفاهة المراهقة، أول صلاة، وأول صيام. كان الفانوس عادة أبى السنوية، لم يتخلف عنها عاما واحدا، يشترى لأبنائه الأربعة وأنا منهم 4 فوانيس بشكل واحد لزوم «المساواة»، استمر على هذا طيلة 18 سنة، بعدها اعتزل فانوسى وقرر: «انتى كبرتى.. المفروض انتى اللى تجيبى فوانيس لاخواتك».. كان لقراره وقع الصدمة علىَّ، ليس لأنه منع الفانوس، لكن لأنه اعتبرنى كبرت، ومن يومها وأنا أحن إلى هذا اليوم «ساعات بشتاق لبيتنا الكبير، ولناس ما لينا خير، لا باتوا فى مرة شايلين، ولا عملوا حساب لسنين، للعب الكورة فى الشارع فى حتتنا، لأمى وهى بتعيّد على جارتنا، لرمضان لما بنوره يهل على بيتنا فى كل مكان، حاجات عدا عليها سنين، سابت فينا صور جوانا عايشة زى أسامينا، ولا الدنيا ولا الأيام تنسينا ليالى زمان». يهل علينا رمضان بكثير من البركة، نستعد لروحانيات الشهر الكريم، ونتذكر عاداتنا المأثورة التى نحييها فيه، مساحاتنا المقبلة كلها مخصصة لرمضان الذى بداخلنا، ولذكريتنا التى نحاول استعادتها فيه، وللحنين الذى يجذبنا إلى ليالى زمان.