بعد أسابيع من الغموض والالتباس فيما يتعلق بأعداد المدنيين الذين حوكموا، ولا زالوا يحاكمون، أمام القضاء العسكرى، فضلا عن الجدل حول مدى قانونية محاكمة أى مدنى أمام قاض عسكرى من الأساس، إلى جانب التداخل الفاضح بين اختصاصات القضائين، المدنى والعسكرى، والذى لا يليق بدولة تدّعى سيادة القانون واحترامه.. ظهر أخيرا اللواء عادل المرسى رئيس هيئة القضاء العسكرى، ليضع "بعض" النقاط، على "بعض" الحروف، فى حواره مع الإعلامية لميس الحديدى، ويجيب على قليل من كثير من تلك الأسئلة التى شغلت، وتشغل الرأى العام منذ قيام ثورة يناير، وحتى اعتقال المتظاهرين المدنيين فى أحداث العباسية الأخيرة. أعداد المقبوض عليهم في أحداث العباسية، رفض اللواء عادل المرسي رئيس القضاء العسكري، الإفصاح عنها، بدعوى عدم الإضرار بسير التحقيقات، مشيرا إلى إنه من الموضوعية أن نفصل بين واقعتين، اشتباكات الأربعاء الماضى التى كان أطرافها المعتصمين وأهالي العباسية، وهذه تختص بها النيابة العامة، أما أحداث الجمعة الماضية التي استهدفت عناصر التأمين ومعدات عسكرية والرغبة في اقتحام وزارة الدفاع فيختص بها القضاء العسكري. ورفض المرسى الإعلان عن عدد محدد للمعتقلين، مبررا ذلك بعدم وجود حصر دقيق، إلى جانب استمرار التحقيقات حتى الآن، معتبرا أن الافصاح عن العدد حاليا يضر بسير العدالة، حسب قوله، لكنه لم يمانع فى الإفصاح عن عدد مصابى القوات المسلحة، وقال إنهم نحو مئتى مجند، إلى جانب شهيد واحد. المرسى، نفى أن يكون القضاء العسكرى قد تدخل فى سلطات القضاء المدنى، بمحاكمته المعتقلين المدنيين، حيث يرى أن الاعتداء على عناصر التأمين ومعدات عسكرية والرغبة في الاقتحام تثبتها مقاطع الفيديوهات. وعن عدد الفتيات المقبوض عليهن، قال المرسى إن عددهم لم يزد على 16 فتاة تم حبسهن احياطياً وهذه وجهة نظر النيابة العسكرية، لانها تعمل دون رقابة، ولها مبرراتها وفقاً لمجريات الأمور لظروف اجتماعية أو غيرها حيث يتم الإفراج عنهم بضمان بطاقة الرقم القومي على أن يجرى استدعاؤهم عند الحاجة، نافيا تعرض أى منهن لكشوف عذرية، حسب ما أشيع عبر وسائل الإعلام، حيث تم حبسهن فى سجون النساء المدينة، لافتا فى الوقت نفسه إلى أن الإفراج بضمان محل الإقامة لا يعنى انتفاء التهمة، خصوصا وأن التحقيقات مستمرة ولازالت أجهزة التحريات تعمل لتكشف الجديد. ظروف الامتحانات التى تزامنت تقريبا مع أحداث العباسية، وموقف النيابة العسكرية من الطلاب المعتقلين، كانت محور سؤال آخر للمرسى، الذى قال إن الأمر متروك للنيابة طالما أن لدينا ما يثبت بقاء الطالب على ذمة القضية من خلال عنوانه الثابت الذي يمكن من خلاله التوصل إليه في كل وقت، مضيفا: هذا تم بالفعل مع طلبة جامعة عين شمس بعد التقدم بالتماس من نائب رئيس الجامعة وأعضاء هيئة التدريس وكانوا تقريباً 12 طالبا وتكرر الأمر ذاته مع جامعة الأزهر. قائمة المحرضين، التى سبق وأشار إليها المرسى فى تصريحات له، كان أكثر تحديدا هذه المرة بشأنها، حيث قال إنها تضم نحو 15 فرد، قابلين للزيادة، موضحا أن التعريف القانونى للتحريض وفقاً لقانون الاجراءات يعني حث المتهم لعمل جريمة أياً كان نوعها، وقد وجدنا بعض الأسلحة مثل البندقية الخرطوش والمسدس الخرطوش وغيرها مع بعض المتظاهرين القادمين من بني سويف الذين قالوا إنهم جاءوا لنصرة المعتصمين، على حد قوله. وحاول المرسى، وضع حدود فاصلة بين نظامى القضاء العسكري والمدنى، بالإشارة إلى الفئات المدنية المستهدفة بالمحاكمة أمام القضاء العسكرى بحسب القانون، وقال إنه كل من ارتكب جريمة وفقاً للمادة الخامسة في المعسكرات أو معدات القوات المسلحة من خلال التخريب وكافة أماكن تواجد القوات المسلحة مكانياً من خلال عملها في تأمين المنشآت، ووفقاً للمادة 58و62 يحق لرئيس الجمهورية، وقت الطواريء، أن يحيل بعض القضايا وإخراجها من المحاكم العسكرية إلى القضاء العادي أو محكمة أمن دولة عليا كما حدث في قضية ماسبيرو، تحت الضغط الإعلامي. أرقام أكثر تحديدا، أعلنها اللواء المرسى، عن أعداد من تمت محاكمتهم في أعقاب ثورة يناير أمام القضاء العسكري، من المدنين، حيث قال إن عددهم 11879 متبقي منهم 1200 شخص، وأبدى المرسى تعجبه ممن يرفعون شعارات لا لمحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، وتساءل: ماذا قدموا لهم من مساعدات بدلا من تلك الشعارات؟ لماذا لم يطبق قانون القضاء العسكرى على الرئيس السابق؟ سؤال أجاب المرسى عليه بقوله إن الرئيس السابق كان رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة وليس ظابطاً وهذه الرتبة غير واردة في الترقي، وبذلك برر المرسى عدم محاكمة مبارك أمام القضاء العسكرى. وعن البلاغات التى اتهمت مبارك بالتجارة فى السلاح، قال المرسى إنها لا تزال قيد التحقيق، مؤكدا أن العديد من المحامين تقدموا بهذه البلاغلات بالفعل، لكن عند استدعائهم للتحقيق، وجدنا أن الأدلة التى استندوا إليها فى بلاغاتهم لم تزد عن قصاصات من أوراق الصحف. وفيما يتعلق بالجدل الذى صاحب قضية القيادى الإخوانى خيرت الشاطر، قال المرسى إنه صدر في حقه عفو من القائد الأعلى للقوات المسلحة ولا يستلزم وفقاً للقانون أن يكون هناك رد فعل مرتين، فالبعفو تسقط كافة الاجرءات وما يترتب عليها حسب رؤية المحكمة العسكرية العليا، إذ لا يستلزم رد الاعتبار مرتين، لكن المرسى نفسه امتنع عن تقديم مبرر لرفض اللجنة العليا لانتخابات رئاسة الجمهورية، للعفو الذى قدمه الشاطر إليها، واكتفى بقوله: هى حرة!