أوضح الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي، أن زيارته لباريس ولقاءه بالرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند أمس، "جاءت للبحث مع الأصدقاء في فرنسا الأوضاع الراهنة في مصر بغية توحيد الرؤى على ما يجري فيها من أحداث". وقال في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء السعودية أن ما تشهده مصر يعبر عن "إرادة ثلاثين مليون مصري في 30 يونيو خرجوا معبرين عن رغبتهم في إجراء انتخابات رئاسية مبكرة كنتيجة حتمية لتدهور الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية"، رافضا أن يصف ما حدث ب"الانقلاب العسكري"، إذ أن "الانقلابات العسكرية تجري تحت جنح الظلام، كما أن من تولى سدة الحكم في مصر رئاسة مدنية وبما يتوافق مع الدستور المصري". وأضاف الفيصل أن المملكة العربية السعودية تنظر بأسف شديد إلى ما تشهده مصر من أحداث وتطورات كما أشار إلى محاولات الحكومة المصرية المضنية في فض الاعتصامات بشتى الطرق السلمية وعبر المفاوضات، "إلا أنه وللأسف الشديد قوبلت هذه الجهود بالتعنت والرفض"، مشيدا في الوقت ذاته بفض الاعتصامات في فترة زمنية قياسية قصيرة وبأقل عدد من الأضرار، على الرغم من كبر حجم الاعتصامات في كل من منطقتي رابعة عدوية والنهضة، "وأقول ذلك ليس باب الفردية وإنما من واقع أحدث مسجلة بالصوت والصورة". وأوضح الفيصل أن ما يحدث من حرق للمساجد والكنائس والمنشآت العسكرية وأقسام الشرطة وترويع الآمنيين ومحاولة تحويل الأزمة إلى حرب شوارع، وتزامن هذا مع العمل الإرهابي في سيناء "يؤكد أن المنبع واحد"، كما أكد أنه يتنافى مع سلمية الاحتجاجات، مع الأخذ في الاعتبار أن جميع قوانين دول العالم تمنع أي تظاهرات مسلحة أو تهديد لأمن المواطنين أو المساس بالممتلكات العامة أو تعطيل الحياة". وأعرب الفيصل عن أسفه حيال مواقف دولية أخذت "مسارا غريبا" في تجاهل هذه الحقائق وركزت على مبادئ عامة و"كأنها تريد التغطية على من يقومون بالجرائم وحرق مصر وقتل لشعبها"، كما أكد أن تلك المواقف "تشجع هذه الأطراف على التمادي في هذه الممارسات". وقارن الفيصل بين الموقف الدولي تجاه الأحداث في مصر، والذي رآه يتعارض مع الموقف تجاه الأحداث في سوريا، "فأين الحرص على حقوق الإنسان وحرمة دمه والمذابح التي تجري في سوريا كل يوم، دون أن نسمع همسة واحدة من المجتمع الدولي الذي يتشدق بحقوق الإنسان حسب ما تقضي به مصالحه وأهوائه". وأكد الفيصل أن هذه المواقف إذا استمرت "فلن ننساها في المملكة العربية السعودية ولن ينساها العالم العربي والإسلامي، وسيوصم هذا الزمان بأنه الزمان الذي انتهكت فيه الحقوق وبررت فيه تبريرات واهية لا يمكن أن يقبلها عقل أو يرتكن إليها ضمير، ولن نأخذ من يتجاهل هذه الحقائق وينساق وراء الادعاءات والأكاذيب الواهية بأنه حسن نية أو جاهل، وإنما سنأخذها على أنها مواقف عدائية ضد مصالح الأمتين العربية والإسلامية واستقرارها"، مؤكدا أن مصر "لا يمكن أن ينالها سوء وتبقى المملكة والأمة العربية صامتة"، مشيرا في الوقت ذاته أن الدول التي تتخذ هذه المواقف السلبية تجاه مصر "سينعكس عليها التدمير والخراب الذي يجرى في أرضها اليوم". وأشار الأمير سعود الفيصل أن السعودية كان يجب أن تقف وقفة عز وحق مع مصر التي تعتبر أهم وأكبر دولة عربية ولا يمكن أن تقبل المملكة أن يرتهن مصيرها بناء على "تقديرات خاطئة"، وتابع أنه "لم تطلب المملكة أكثر من أن يقف أبناء الشعب المصري والأمتين العربية والإسلامية وقفة رجل واحد للحفاظ على أمن واستقرار مصر"، موضحا أن ما يحدث في مصر "ليس إلا إرهابا لا يراد به خيرا لها، ولابد من مواجهته والتصدي له بكل قوة وحزم"، مطالبا بعدم التدخل في الشؤون الداخلية في مصر وأن يترك هذا الأمر لشعبها وقياداته. وفي ختام البيان أكد الأمير سعود الفيصل أن السعودية "وقفت وستقف دائما مع مصر"، وأن الدول العربية لن ترضى مهما كان بأن يتلاعب المجتمع الدولي بمصيرها، وتمنى أن يعي المجتمع الدولي مضمون رسالة خادم الحرمين الشريفين "بأن المملكة جادة ولن تتهاون في مساندة الشعب المصري لتحقيق أمنه واستقراره، أما من أعلن وقف مساعداته لمصر أو يلوح بوقفها فإن الأمة العربية والإسلامية غنية بأبنائها وبإمكانياتها ولن تتأخر عن تقديم يد العون لمصر، فمصيرنا واحد وهدفنا واحد، فكما تنعمون بالأمن والهدوء والاستقرار فلا تستكثرون علينا ذلك".