مجدى يعقوب والخنازير

عندما حدثت مذبحة الخنازير وإعدامها منذ ثلاث سنوات تقريباً تحت شعار حماية مصر من أنفلونزا الخنازير، كتبت مدافعاً عن هذا الحيوان الغلبان الذى صفق البعض وفرح لإعدامه ليس من منطلق طبى ولكن من منطلق طائفى!، واتضح بعد ذلك مدى كذب وافتراء وجهل من اتخذوا تلك الإجراءات العشوائية، كتبت قائلاً إن هذا الحيوان هو أكبر حيوان خدم الطب على مدى التاريخ، أجريت عليه التجارب المعملية التى منحت الإنسان حلولاً للكثير من مشاكله الصحية، ظل مرضى السكر معتمدين عليه كأفضل أنسولين فى العالم للتشابه الكبير الذى يصل إلى حد التطابق تقريباً بين أحماضه الأمينية ومثيلتها فى الإنسان إلى أن أضيف الأنسولين البشرى بفضل الهندسة الوراثية، وأهدى إلينا الكالستونين لعلاج هشاشة العظام وبعض المواد الحافظة ومساحيق التجميل .. الخ، ونصحت من يكره الخنزير إلى هذه الدرجة أن يقاطع الأنسولين، كتبت كل هذا وأنا أؤكد أننى لم أتناول لحمه ولن أتناوله ولكنى أتحدث عن دوره فى خدمة الطب.
تذكرت كل هذه الكلمات عندما قرأت عن هجوم أطباء أسوان على جراح القلب العالمى مجدى يعقوب لأنه استخدم صمامات خنازير فى عملياته الجراحية، وبالطبع هذا الكلام هو حلقة فى سلسلة الهراء والتهريج والعبث الذى نعيشه، وخلطة الدجل السحرية التى تزيف وعى البسطاء من معدومى الثقافة فى وطننا المنكوب، والذى أسفت عليه أكثر أن هذا الكلام صادر عن أطباء، فما يقوله كبار جراحى القلب إن الصمامات التى تؤخذ من قلب الخنزير تكون كاملة، أى لايتم إخضاعها لأى جراحة تذكر، بل تؤخذ من قلب الخنزير ويتم تنظيفها لتزرع مباشرة فى قلب الإنسان، وعليه احتمالات نجاح هذه العملية عالية جدا، أما بخصوص الصمامات التى تؤخذ من الأبقار، فتتم تجزئتها إلى ثلاثة أقسام ومن ثم جراحتها وقطبها وبعدها تزرع فى قلب الإنسان أى أننا نتحدث عن عملية شائكة ومعقدة واحتمالات نجاح العملية تكون أقل نسبيا للجراحة التى تعتمد بالأساس على الصمامات التى تؤخذ من قلب الخنزير.
هذا هو الكلام العلمى أما كلام المصاطب ونميمة الحقد على رجل لم يقدم لنا نفسه أبداً على أنه مسيحى، بل قدم لنا نفسه على أنه مصرى، جراح قلب مصرى حصل على أعظم لقب إنجليزى فى بلاد الضباب المنتفخة غروراً المزهوة بحضارتها التى لا تغرب عنها الشمس، وتم تكريمه فى أمريكا كواحد من أعظم خمسة أساطين فى عالم الجراحة على مستوى العالم كله، قدم مهاجمو هذا الرجل دمث الأخلاق المتواضع كوكتيلاً يسكرنا فى زمن الغيبوبة الذى نعيشه، طبيب مسيحى + علاج بخنزير نجس = معادلة مضمونة النتائج فى مسح دماغ المصريين الذين شوهت أدمغتهم بهذه المعادلات الغبية الحمقاء، ليتم فى النهاية التطفيش الثانى لمجدى يعقوب بعد التطفيش الأول الذى تم بعد تخرجه بتفوق والذى كان لنفس السبب الطائفى المقزز المؤلم.
يا دكتور مجدى للأسف أقول لك زامر الحى لايطرب، أتألم وأنا أسمعك هامساً تتساءل فى فترات استراحاتك النادرة، هل هؤلاء يستحقون ما أفعله؟ هل هذا وطنى الذى حلمت به؟