عندما قرر الدكتور «محمد مرسى» رئيس الجمهورية، أن يجتمع بالمحافظين لضبط الأداء فى المحافظات، واستعادة هيبة الدولة من خلال محاور خمسة تم الاتفاق بشأنها، تتمثل فى النظافة، والأمن، والمرور، ورغيف الخبز، والوقود، لم يكن يدور فى خلده أن بنى سويف «جمهورية مستقلة» بذاتها، وأن مسئوليها كلهم يعيشون فى «كوكب آخر» بعيداً عن هموم الشارع. زادت التعديات على الأراضى الزراعية ببنى سويف، مستغلة حالة «الانفلات الأمنى»، بسبب تراخى جهاز الأمن عن القيام بعمله، بينما المشاجرات التى تنتهى بقتلى وجرحى، تشهد وصول قوات الشرطة «لرفع الميتين». وفى الطريق الرئيسى الذى يمر به المحافظ «ماهر بيبرس»، مئات التعديات، حيث أصبح كورنيش النيل قطاعا خاصا للبلطجية وأصحاب محلات الأطعمة والمشروبات الذين احتلوا الرصيف. ولم يتخذ بيبرس سوى قرار وحيد عقب لقائه بمرسى والجنزورى، تمثل فى منع مرور السيارات التى تحمل الطوب الأبيض القادم من محاجر المنيا داخل حدود المحافظة، لأنه تسبب فى زيادة معدلات إهلاك الطرق بالمحافظة، بينما لم تطبق الشرطة القرار، وما تزال السيارات تمر داخل حدود المحافظة، بل وتبيع حمولاتها للراغبين من المواطنين جهارا نهارا. وجاء اجتماع «مرسى» بالمحافظين ومديرى الأمن ليقرر بدء صفحة جديدة فى العمل الجاد لاستعادة هيبة الدولة، من خلال المحاور الخمسة، لكن لبيبرس ومزروع رأى آخر، فقد قررا استمرار الحال على ما هو عليه وعلى المتضررين التوجه إلى كورنيش النيل لشرب ماء ملوث بقاذورات مخلفات المصانع. الإشغالات تملأ شوارع المدينة، وتكاد تسد الشوارع، والبلطجية يقيمون المحلات التجارية على أسوار المدارس والمصالح الحكومية، والقمامة تملأ الشوارع، وتزكم برائحتها الكريهة الأنوف، والفوضى فى الشارع هى سيدة الموقف، فلا شرطى مرور واحدا يقف فى إشارة أو تقاطع، بل إن الإشارات معظمها معطل، وأزمات الرغيف مستمرة، والمواطن يعانى الأمرّين. فيما أصدر بيبرس الاثنين الماضى قرارا بغلق الباب الرئيسى للمحافظة، عقب وصوله إلى مكتبه، واعتبار ذلك قرارا دائما حتى لا يزعجه المتظاهرون من أصحاب المطالب الفئوية الذين يأتون لمبنى المحافظة يوميا لعرض مطالبهم وشكاواهم. ويخشى العديد من المواطنين أن تُغلق الشوارع تماما فى رمضان بسبب فوضى المرور والباعة الجائلين، أو أن تستمر أزمات رغيف الخبز، ومشكلات النظافة، التى يبدو أن هناك إصرارا على أن يتم تجميعها فى الشوارع الرئيسية بالمدينة لأيام، إلى أن تأتى سيارات المشروع المتهالكة لرفعها. يقول أشرف أنور حسن، باحث فى العلوم السياسية، إن الوضع العام فى مدينة بنى سويف «خطير ويُنذر بمشاكل كبرى حال استمراره»، فالفوضى هى عنوان المحافظة، ويبدو أن توجيهات «مرسى» للمحافظين ومديرى الأمن لم تلق صدى جيدا فى بنى سويف، بينما نتابع على الشاشات وفى الصحف، محافظين بدأوا تنفيذ توجيهات الرئيس فى اليوم التالى مباشرة، بينما المحافظة لا تزال فى سبات عميق. يقول محمد على فاضل، مدير عام بجامعة بنى سويف، إن بنى سويف فى حاجة إلى نهضة شاملة، ومحافظين من أبنائها، يهتمون بها ويعملون على رفعة شأنها، ولا يليق أبدا أن تبدأ كل المحافظات فى تنفيذ برنامج الرئيس بمحاوره الخمسة، بينما تتلكأ بنى سويف، وكأنها فى واد آخر. ويدعو معتز زهران، موجه رياضيات بالتربية والتعليم، إلى تغيير شامل فى المسئولين فى المحافظة، بدءا من المحافظ ومدير الأمن، مرورا بكل القيادات التى لم تغير نفسها، ولم تتفاعل مع الروح الجديدة التى تعيشها البلاد، مطالبا «مرسى» بإصدار قرار فورى بإقالة جميع المسئولين فى المحافظة، الذين يعتبرونها «مركز تدريب للمحافظين والمسئولين» ولا يترك أى منهم فيها بصمة، مطالبا بعودة اللواء «أحمد زكى عابدين» ابن محافظة بنى سويف، الذى حقق نهضة بها خلال أقل من عامين، لم يستطع أى محافظ بعدها أن يتميز أو يتفوق فى تحقيق مطالب الجماهير، بل ازدادت أحوال المحافظة سوءا، وازداد سخط المواطنين على المسئولين الذين اكتفوا بالجلوس فى مكاتبهم المكيفة، وتركوا المواطنين لمافيا الشارع.