فتحت مراكز الاقتراع الليبية أبوابها لأول مرة منذ ما يزيد على 50 عاماً أمام الناخبين لاختيار أعضاء «المؤتمر الوطنى العام»، وسط توترات أمنية وتوقعات بهيمنة التيار الإسلامى، وعلى رأسه حزب العدالة والتنمية المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين، على نتائج الانتخابات. وقال المرشح عن دائرة بنغازى فى شرق ليبيا، مالك الشريف، ل«الوطن»، إن نسبة الإقبال على الاقتراع تخطت 70%، مضيفاً أن الليبيين يشعرون بالفخر والسعادة أثناء إقبالهم على الانتخاب لأول مرة بعد القضاء على نظام العقيد الراحل معمر القذافى، فيما استبعد أن يتمكن المقاطعون للانتخابات من إفشال العملية، جراء الانتشار الأمنى المكثف للجيش وقوات الشرطة. بينما قالت المواطنة الليبية مبروكة مسمارى (31 عاماً) ل «الوطن» من أمام أحد المقار الانتخابية فى مدينة بنغازى، إنها تشعر بسعادة فائقة أثناء انتظارها فى طابور طويل من السيدات اللاتى أقبلن بأعداد كثيفة فى أول انتخابات حرة ونزيهة تشهدها ليبيا. وأشارت أن التصويت فى الساعات الأولى من الصباح كان ضعيفاً جراء خوف الليبيين من وقوع اضطرابات أمنية. ويبلغ عدد مقاعد المؤتمر الوطنى العام 200 مقعد، فيما يشارك فى هذه الانتخابات أكثر من 2600 مترشح مستقل و374 كياناً سياسياً أبرزها الأحزاب الإسلامية كحزب العدالة والبناء المقرب من الإخوان المسلمين، وحزب الوطن الذى يتزعمه رئيس المجلس العسكرى السابق بطرابلس عبدالحكيم بلحاج. ورأت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، أن أصوات الناخبين إما ستثبت أن الربيع العربى هو ربيع الإسلام السياسى أو «ستضع الإسلام السياسى فى حجمه الحقيقى». ونقلت الصحيفة عن الأستاذ الزائر فى معهد بروكنجز فى الدوحة، عمر عاشور، ترجيحه أن تكون نتائج الانتخابات لصالح الإسلاميين، لأن الأحزاب العلمانية مغمورة أكثر من الإسلامية. واحتشد مئات المحتجين بوسط بنغازى، وقالوا إنهم سيقاطعون الانتخابات احتجاجاً على تخصيص 60 مقعداً فقط للشرق فى الجمعية الوطنية مقابل 102 مقعد للغرب. وأسفر هجوم مساء أمس الأول على طائرة هليكوبتر تحمل لوازم خاصة بالانتخابات عن مقتل أحد ركابها قرب بنغازى، فيما تعرض مركز بنغازى الطبى لإطلاق قذيفتين صاروخيتين لم توقعا ضحايا أو أضراراً، لكن بعض السكان يقولون إن المستشفى يحتوى على بعض لوازم الانتخابات. بينما لم يفتح عدد من مكاتب التصويت أبوابه أمس فى الشرق بسبب اضطراب تسبب به ناشطون يطالبون بتوزيع أفضل لمقاعد المجلس بين المناطق. ولم تفتح مكاتب التصويت فى مدن الواحات مثل جالو وأوجلة بجنوب شرق ليبيا، لأن متظاهرين حاصروا الطائرة التى كانت ستسلمهم اللوازم الانتخابية فى مطار الزويتينة قرب إجدابيا، وأيضاً قاطع محتجون من مدينة القبة القريبة من مدينة درنة الانتخابات. ومن جانبها، نفت المفوضية الليبية العليا للانتخابات تعليق الانتخابات فى مدينتى إجدابيا والبريقة بشرق البلاد، وذلك بعد سرقة مواد انتخابية خاصة بعملية الاقتراع واقتحام مراكز انتخابية بتلك المناطق، بالإضافة إلى تدمير أحد مراكز الاقتراع بمدينة بنغازى. وستقتصر مهمة «المؤتمر الوطنى العام»، على اختيار حكومة جديدة وإدارة مرحلة انتقالية جديدة، خصوصاً إعداد القانون الذى سيجرى بموجبه انتخاب اللجنة التأسيسية، بعدما عمد المجلس الوطنى الانتقالى إلى نزع واحدة من أبرز صلاحيات المؤتمر الوطنى فى تعيين اللجنة المسئولة عن صياغة الدستور الجديد.