خلال الشهور الماضية تمرنت العيون والعقول على متابعة المناخ السياسى، ومعرفة أحداثه المتجددة من مطالعة الرسومات والكتابات على الجدران فى الشوارع. كانت الفترة الانتقالية التى أعقبت سقوط النظام السابق حقلا خصبا لازدهار فن «الجرافيتى»، الذى أبرز الصراع الثورى بين الشارع وجهة اتخاذ القرار ممثلة فى المجلس العسكرى ومجلس الوزراء. رسالة الاعتراض التى حملها «جرافيتى الثورة» انطوت صفحاتها بمجرد انتهاء الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، فبعد أن وصلت ثورة «الجرافيتى» إلى أوجها ضد حكم العسكر ومحاربة مرشحى الفلول، توقفت، فكثير من الرسومات تم طمسها وتشويه معالمها بمناسبة إزالة الدعاية الانتخابية لمرشحى الرئاسة، خاصة فى الشوارع الرئيسية فى نطاق محافظتى القاهرة والجيزة. الإعلان الدستورى المكمل وحل البرلمان حدثان انتفض ضدهما الرأى العام فى مواجهة المجلس العسكرى، لكن التعبير عن هذا الرفض لم يسجل كالعادة على الجدران إذ اكتفى المعترضون بالتظاهر فى ميدان التحرير فقط. وعندما جاء مرسى رئيسا كانت جدران الشوارع نظيفة خالية من أى مظاهر للمعارضة الثورية على الحوائط. أهل المعارضة أقروا باختفاء سلاح «الجرافيتى» فى الفترة الأخيرة مع ظهور أول رئيس بعد الثورة. هبه صلاح -عضوة شباب الاتحاد الاشتراكى المصرى- ترى انشغال الشباب فى الامتحانات الجامعية وراء توقف الاعتراض الصامت، مضيفة: «الزخم الثورى مابقاش زى الأول.. فتحمس الشباب تراجع عشان مفيش باعث زى زمان». انحصار الصراع السياسى فيما بين المجلس العسكرى وجماعة الإخوان المسلمين، بعث لدى الشباب الثورى إحساسا بأنهم ليسوا طرفا، وتوضح هبة: «الشباب دلوقتى اكتفى بعمل الرسومات التعبيرية على الفيس بوك وخلاص»، هبة لم تغفل حالة الإحباط المسيطرة على التيار الثورى، نتيجة تلخيص الثورة وأهدافها فى انتخابات الرئاسة، «كانت بتستفز الشرطة والمسئولين وكانوا ينزلوا يمسحوها.. وده دليل على تأثيرها ونجاحها فى توجيه وتعريف الناس بالمواقف»، هكذا تتحدث هبة مؤكدة أن معاقل صناعة «الجرافيتى» الآن مترقبة للأحداث القادمة.