سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
السفير عبدالرحيم شلبى ل«الوطن»: لا أنصح مرسى بالتوجه للخليج إلا بعد إنجاز وعود ال100 يوم «الخليج» فى صلب أمننا القومى.. وتطور العلاقات مع إيران يخدم المنطقة
«مصر دائماً ما تعتبر نفسها الراعى الأول لمنظومة الأمن الإقليمى».. بهذه الكلمات، لخص السفير عبدالرحيم شلبى، مساعد وزير الخارجية الأسبق، عُمق العلاقة المصرية الخليجية، إلا أنه نصح بعدم اللجوء للخليج الآن إلا بعد إنجاز وعود ال100 يوم الأولى الرئاسية فى الداخل، ورأى فى حواره مع «الوطن» أنه إذا تطورت العلاقات المصرية - الإيرانية فستكون من منظور تحقيق أمن الخليج. * كيف تنظر لواقع العلاقات المصرية - الخليجية الآن؟ - قراءتى المبدئية تنطلق من واقع معايشتى عن قرب لمنطقة الخليج، بعد أن عملت سفيراً فى الكويت ومن قبلها قنصلاً فى جدة، ووزيراً مفوضاً فى الأردن خلال فترة غزو العراق للكويت، لذا عندما أتحدث عن الخليج أفرق بين المنظور الشامل والمتكامل أو الاستراتيجى للعلاقات المتبادلة بيننا، وما قد يحدث من استثناءات فى هذه العلاقة أو ما تفرضه اعتبارات شخصية أو إنسانية، فمن الناحية الاستراتيجية، العلاقات المصرية - الخليجية لم تختلف ولن تتغير من ناحية الأسس والمقومات. * كيف؟ - بمعنى أن هناك شبكة كبيرة جداً من المصالح بين مصر ودول الخليج، تفرض بطبيعتها توافقاً فى الرؤى تجاه ملفات حيوية للجانبين، خصوصاً ما يتعلق بمسائل الأمن القومى العربى، ومن داخله أمن الخليج، وكلاهما فى صلب أمننا القومى، لذا ليس مستغرباً أن مصر دائماً ما تعتبر نفسها الراعى الأول لمنظومة الأمن الإقليمى، وهذه أمور ثابتة لا تتغير، ودليل ذلك حرص الرئيس محمد مرسى فى خطاب جامعة القاهرة على تأكيد هذا المعنى بوضوح، بخلاف رسائل سياسية أخرى، هذه الأسس الاستراتيجية تدفع الجانبين دائماً نحو التحالف، وبدأ هذا الأمر مع موقف الملك فيصل، العاهل السعودى الراحل، أثناء حرب أكتوبر، ومنذ هذا التاريخ وإلى الآن تحدث خلافات أحياناً، لكن تذهب الأمور فى نهاية المطاف إلى التوافق، لأن عصب هذه العلاقة فضلاً عن اعتبارات الأخوة والعروبة تقف على ركيزة الأمن القومى العربى. * ولكن تعاطف دول الخليج مع الرئيس السابق، وكذلك عدم وجود الدعم الاقتصادى المتوقع منها أثناء المرحلة الانتقالية، جعل المشهد يبدو وكأنهم يأخذون موقفاً معادياً لثورة يناير؟ - لا أستطيع أن ألوم دول الخليج بشأن تعاطفها مع الرئيس السابق، لأنها تشعر أنها مدينة له فيما يخص التدخل فى حرب تحرير الكويت، وهو محل تقدير هناك، لكن الحقيقة أيضاً أن موقف مبارك تجاه الكويت كان مدفوعاً بتأييد شعبى جامح فى الداخل، لذا فالشعب المصرى يجب أن يكون محل التقدير فى الأساس، لأن الجنود المصريين كانوا فى طليعة قوات التحالف التى حاربت على الأرض، ودخلت الكويت، وكان ذلك إيذاناً بالتحرير. * وماذا عن عدم الترحيب بالثورة؟ - عدم الترحيب ليس تعبيراً دقيقاً، وأتحدث الآن كمراقب وليس كمسئول، ولكن استقرائى لهذا فى البداية يكمن فى العلاقة الوثيقة للرئيس السابق مع حكام الخليج، والتزام المجلس العسكرى الذى أدار المرحلة الانتقالية برغبة الشارع فى المحاسبة القانونية لمبارك، ورفضه لما تردد عن عروض من جانب بعض دول الخليج لاستضافته. * ألم يكن لدى لخليج خوف من تصدير الثورة لدولها؟ - هذه عملية لاحقة ولم يكن هذا المصطلح الذى يستخدمونه، لكن بعضهم من خلال علاقتى الشخصية بمسئولين رفيعى المستوى فى منطقة الخليج، كان لديهم هاجس من «تصدير الفوضى»، لأن المجتمع المصرى يستطيع التعامل مع الأعراض الجانبية للثورات بحكم أن فكرة الثورة ليست غريبة عليه تاريخياً، ويستطيع التكيف والتعايش والتعامل مع حالة «اللانظام»، وأثبت ذلك خلال العام ونصف العام المنقضية، فرغم وجود سلطة سياسية كانت تسير الأوضاع فإن النظام بمفهومه الواسع كان غائباً، أما فى الخليج الأمر يختلف والمجتمعات هناك بطبيعتها السياسية والاجتماعية وكذلك ما يسمى «الوضع الجيوبولوتيكى»، تُعد مجتمعات محافظة لا يمكنها التعايش مع حالة عدم الانضباط، ولو خرجت مظاهرة من 5 أو 10 آلاف مواطن هناك تعتبر مشكلة كبيرة لها. * معنى ذلك أن الرئيس المنتخب كان يقصد دول الخليج عندما قال إن مصر لا تصدر الثورة؟ - بالتأكيد. * هل هذه الرسالة تكفى أم إن الخليج ما زال بحاجة لتطمينات أكثر؟ - بالتأكيد الخليج ما زال فى حاجة إلى تطمينات على أرض الواقع وهذا أمر طبيعى، فالرئيس جاء من تيار يبدى الكثير من المصريين قلقاً تجاهه، لذا كان الدكتور مرسى حريصاً خلال الفترة القليلة الماضية على إعطاء تطمينات للجبهة الداخلية أثناء الانتخابات، وبعدها، فإذا كان هذا هو حال الداخل، فكيف نستغرب ذلك على أشقائنا العرب وخصوصاً الخليج. * التاريخ يبين أن الخليج كان ملاذاً للإخوان، والآن رأينا مسئولاً خليجياً وهو ضاحى خلفان يهاجمهم، كيف تقرأ هذا التناقض؟ - لا يوجد تناقض، لأننا لم نرَ تصريحات لملوك أو أمراء أو وزراء خارجية فى الخليج تهاجم الإخوان أو الرئيس المصرى صاحب الخلفية الإخوانية، بالعكس كان الجميع يلتزم الحرص فى التعليق على مجريات الأحداث قبل الانتخابات الرئاسية، وبعد إعلان النتائج كانوا فى طليعة المهنئين، والاستثناء كان رئيس شرطة دبى، الذى سبق ودخل فى تراشق مع الشيخ يوسف القرضاوى وهو عالم إسلامى جليل، ولذلك فى تقديرى فهو أخطأ خطأ فادحاً من الناحية السياسية وأيضاً «القيمية»، لأنه خرج عن الوقار المعتاد فى المسئول الخليجى الذى ينبع من الطبيعة العشائرية للمجتمعات الخليجية، وخرق هذه القاعدة ولا يوجد لديه عذر حتى لو كان هاجسه أمنياً من وجهة نظره، وكذلك طرح تصوراً غريباً بأن رئيس مصر سيتوجه إلى الخليج «مرغماً»، ولن أستخدم التعبير الذى استخدمه لأنه مسىء ولا يصح أن نكرره، وأقول: إن تصوره غريب لأن كل رؤساء مصر توجهوا للخليج، وأيضاً توجهوا إلينا، والعلاقات تفرض على الجانبين تعاوناً يقترب من التحالف. * أين كان توجه الخليج لمصر حالياً؟ - أول وزير خارجية التقى الرئيس مرسى بعد انتخابه، كان وزير خارجية الكويت وسلمه رسالة من أمير الكويت لدعم التعاون بين البلدين فى المستقبل. * ما تفسيرك لتأخر الإمارات فى التوضيح الرسمى الذى طلبته مصر حول تصريحات خلفان؟ - ما أعلمه من مصادر مختلفة من ضمنها التقارير الإعلامية أن الإمارات أوضحت موقفها من خلال مسئولين حضروا إلى القاهرة، لا أعرف بالضبط التقوا مَن، ولكن أستنتج من الصمت الرسمى أن القاهرة تلقت توضيحات فى هذا الخصوص، وأن هذا الموضوع جرى احتواؤه ولن يتكرر، وإذا ما تكرر فسيكون لكل حادث حديث. * هذا كله من قبيل الاستنتاج؟ - استنتاج يقترب من الجزم بأن هذا ما حدث، لأن المصالح المتشابكة بين مصر والخليج عموماً أكبر من أن ينال منها تصريح، والطرفان يدركان ذلك جيداً. * العمالة المصرية فى الخليج التى تقدر ب4 ملايين، هل هى ميزة أم عبء وأداة ضغط عليها سياسياً؟ - مؤكد ميزة لمصر وللخليج أيضاً، فالعمالة ليست رهينة هناك لكنها شريك فى النهضة والتعمير والتنمية والتنوير، وتضم أساتذة جامعات ومدرسين ومهندسين وأطباء، فضلاً عن كونها جاليات غير مثيرة للمشاكل بالمقارنة بجنسيات أخرى، ومسئولو الخليج يدركون ذلك. * كيف ستتأثر العلاقات المصرية - الخليجية إذا ما حدث انفتاح متوقع فى العلاقات بين مصر وإيران؟ - لن نستبق الأحداث، ولكن من واقع عملى الدبلوماسى، لا يخفى على أحد أهمية إيران فى المنطقة، ومن ثم فإن العلاقات الطبيعية معها أمر طبيعى ومرغوب، ولكن إذا ما رجعنا لخطاب الرئيس فى جامعة القاهرة ستجده تحدث بوضوح عن القضية الفلسطينية وعن الوضع فى سوريا، والأمن القومى العربى، لأنه جزء لا يتجزأ من أمننا القومى، ودائماً ما تعتبر مصر نفسها دون الانتقاص من أهمية أطراف أخرى أنها المسئول الأول عن هذا الأمر، ودون شك فإن الجزء الأهم فى الأمن القومى العربى بمفهومه الشامل هو أمن منطقة الخليج، لذا أتصور أنه إذا تطورت العلاقات المصرية - الإيرانية فستكون من منظور تحقيق أمن الخليج، وأيضاً تغير موقف طهران من الأوضاع فى سوريا، وكما أن لمصر مصلحة فى تطوير هذه العلاقات، فإيران أيضاً لها مصلحة، وعليها أن تأخذ بجدية منطلقاتنا تجاه الأمن القومى العربى وتجاه الجزر الإماراتية التى نسى ضاحى خلفان أن مصر دائماً مساندة للموقف الإماراتى تجاهها. * لو كنت مخططاً للسياسة الخارجية هل كنت ستنصح الرئيس بجولة خليجية الآن؟ - لا. * لماذا؟ - أرى الآن أن على الرئيس مرسى التركيز فى إنجاز مهامه الداخلية، خصوصاً وعوده خلال ال100 يوم الأولى، لأنه أمر بالغ الأهمية بالنسبة للداخل، لذا أعتقد أنه لن يتوجه إلى الخارج خلال هذه الفترة، باستثناء المناسبات الرئاسية مثل القمة الأفريقية التى ستنعقد الأسبوع القادم، لكن بخلاف ذلك أعتقد أن الأفضل أن يتولى المهام الخارجية طاقم الرئاسة عند تشكيله، والإعلان عن المساعدين ونواب رئيس الجمهورية فضلاً عن الدور الطبيعى والتقليدى للجهاز الدبلوماسى فى هذا الأمر، وهذا لا يعنى أن مصر ستكون غائبة خارجياً، ولكن توزيع المهام والعمل وفقاً لطبيعة الظرف الحالى، وأرجح أنه عندما يبدأ الرئيس جولاته الخارجية سيكون الخليج فى طليعة هذه المهام. * ما رأيك فى الاقتراح الخاص بانضمام مصر لمجلس التعاون الخليجى؟ - أراه أمراً جيداً ومفيداً ويستحق النظر ولا يؤثر على شخصية مصر أو هويتها، وهناك دول مثل المغرب والأردن، بدأت عمل ترتيبات خاصة من أجل انضمامها لمجلس التعاون، وأرى فى ذلك مصلحة للجميع، لاسيما أننا فى عالم من الكيانات والتكتلات الكبرى. أخبار متعلقة : «مرسى» ودول الخليج .. علاقات الشك المتبادل ضاحى خلفان وقذائف السم الطريق للفوز بقلوب «الخليج»