نشرت دار الإفتاء عبر صفحتها الرسمية كفَّارات المسلم، في الحج. وقالت الدار، في فتواها: المراد بالكفارات هو ما يترتب على فعل محظور من محظورات الحج، أو الإخلال بشيء من أركانه وواجباته، وتفصيل الكفارات، بالكفارة الواجبة بترك نُسُك ونعني بالنُّسُك واجبات الحج، وذلك كترك رمي الجمار، وترك الإحرام من ميقات بلده، والواجب فيمن تَرَك ما ذُكر ذَبْحُ شاة أو ما يقوم مقامها، كسُبْع بدنة أو سُبْع بقرة، فإن لم يجد صام عشرة أيام: ثلاثة في الحج -أي: بعد الإحرام به- وسبعة إذا رجع إلى وطنه، قال تعالى: {فَمَن تَمَتَّعَ بِ0لۡعُمۡرَةِ إِلَى 0لۡحَجِّ فَمَا 0سۡتَيۡسَرَ مِنَ 0لۡهَدۡيِۚ فَمَن لَّمۡ يَجِدۡ فَصِيَامُ ثَلَٰثَةِ أَيَّامٖ فِي 0لۡحَجِّ وَسَبۡعَةٍ إِذَا رَجَعۡتُمۡۗ تِلۡكَ عَشَرَةٞ كَامِلَةٞۗ ذَٰلِكَ لِمَن لَّمۡ يَكُنۡ أَهۡلُهُۥ حَاضِرِي 0لۡمَسۡجِدِ 0لۡحَرَامِ}، ويستحب للثلاثة التي في الحج أن تكون قبل يوم عرفة، فإن أخَّرها عن أيام التشريق من غير عذر عصى بذلك، وصارت قضاءً، والحكم فيما سبق على الترتيب، فلا يجوز العدول عن الهدْي إلى غيره إلا إذا عجز عنه، كأن يَعْدمه أو يَعْدم ثمنه، فينتقل حينئذٍ إلى الصوم. وأضاف: كفارة الإحصار وهو حدوث مانع يمنع المُحْرِمَ من إتمام نسكه بعد الشروع فيه، وذلك كالحبس ظلمًا، أو كان عليه دين حالٌّ لم يؤدِّه وهو موسر يستطيع الأداء، فمنعه الدائن من إتمام نسكه؛ ليستوفي دينه، أو حدوث مرض يزيد بالانتقال والحركة، أو ضياع النفقة، ونحو ذلك، والواجب على من أُحْصِر ذَبْح شاة أو ما يقوم مقامها كما مرَّ؛ لقوله تعالى: {فَإِنۡ أُحۡصِرۡتُمۡ فَمَا 0سۡتَيۡسَرَ مِنَ 0لۡهَدۡيِ}، فإن عجز عن الذبح أخرج طعامًا بقيمة الشاة، فإن عجز عن الإطعام صام عن كل مُدٍّ يومًا، وهذه الكفارة كسابقتها على الترتيب، فلا يَعْدِل عن الهدْي إلى غيره إلا إذا عجز عن الهدْي. وتابع: كفارة ارتكاب محظورات الترفه: وهي الدم الواجب بارتكاب محظور من محظورات الإحرام -غير الوطء وعقد النكاح وقتل الصيد- كالحَلْق، ولبس المخيط، والتطيُّب -وضع العطور- وتقليم الأظافر، فالواجب فيها على التخيير: ذَبْحُ شاة، أو التصدقُ بثلاثة آصُعٍ (7.5 كجم تقريبًا) على ستة مساكين، أو صومُ ثلاثة أيام؛ لقوله تعالى: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوۡ بِهِۦٓ أَذٗى مِّن رَّأۡسِهِۦ فَفِدۡيَةٞ مِّن صِيَامٍ أَوۡ صَدَقَةٍ أَوۡ نُسُكٖ}، ولقوله لكعب بن عجرة حين رأى القمل يتساقط على وجهه: «أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّكَ)؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَاحْلِقْ، وَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةً أَوِ انْسُكْ نَسِيكَةً» أما كفارة قتل الصيد البري: وليس المقصود قتله بالفعل فحسب؛ بل يَحْصُل ذلك بالإعانة على قتله بإشارة أو مناولة أو ما أشبه ذلك، فإن كان الصيد المقتول مما له مِثْل من النَّعَم -أي: الأنعام، وهي: الإبل والبقر والغنم- فيجب مِثْله، يذبحه ويوزعه على فقراء الحرم؛ لقوله تعالى: {وَمَن قَتَلَهُۥ مِنكُم مُّتَعَمِّدٗا فَجَزَآءٞ مِّثۡلُ مَا قَتَلَ مِنَ 0لنَّعَمِ يَحۡكُمُ بِهِۦ ذَوَا عَدۡلٖ مِّنكُمۡ هَدۡيَۢا بَٰلِغَ 0لۡكَعۡبَةِ، وله أن يُقَوِّم المِثْل ويشتري بقيمته طعامًا يفرَّق على مساكين الحرم وفقرائه، أو يصوم عن كل مُدٍّ يومًا؛ لقوله تعالى في الآية السابقة: {أَوۡ كَفَّٰرَةٞ طَعَامُ مَسَٰكِينَ أَوۡ عَدۡلُ ذَٰلِكَ صِيَامٗا}، فالواجب فيه إذًا على التخيير، وإن كان الصيد مما لا مِثْل له من النَّعَم، كالجراد، أَخْرَج بقيمته طعامًا، أو صام عن كل مُدٍّ يومًا. وقالت الدار: كفارة الوطء وهو الدم الواجب بالجماع، فإذا جامع الرجل زوجته قبل التحلل الأول فسد حجُّه، ويجب عليه ترتيبًا: بدنة، وهي: الواحدة من الإبل، فإن لم يجد فبقرة، فإن لم يجد فسَبْعٌ من الغنم، فإن لم يجد قَوَّم البدنة واشترى بقيمتها طعامًا، فإن لم يجد صام عن كل مُدٍّ يومًا، وعليه إتمام أعمال الحج، والقضاءُ من العام التالي، أما لو حصل الجماع بعد التحلل الأول وقبل التحلل الثاني، فلا يفسد نسُكه، ولا يلزمه القضاء من العام التالي، لكن عليه أن يذبح شاة عند جمهور الفقهاء، وأما المرأة التي جامعها زوجها فلا فدية عليها على الصحيح، لكنها -إن كانت مُحرمة- ومكنت زوجها من نفسها، وهي مطيعة عالمة بالتحريم، فسد حجها، ولزمها الإتمامُ والقضاء من العام التالي، والحاصل أن الفِدْية أو الكفارة قد تكون صومًا أو صدقةً أو نُسُكًا، قال تعالى: {فَفِدۡيَةٞ مِّن صِيَامٍ أَوۡ صَدَقَةٍ أَوۡ نُسُكٖۚ}. وإنما تجب الفِدْية لحالتين، أولاهما: أن يفعل المحظور بلا حاجة ولا عذر، فعليه الفدية مع المؤاخذة والإثم، والثانية: أن يفعله لحاجة، فعليه الفدية بلا إثم، قال تعالى: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوۡ بِهِۦٓ أَذٗى مِّن رَّأۡسِهِۦ}. وأضافت الفتوي: المراد بالنُّسُك في الآية السابقة: الهَدْي، وهو اسم لما يُساق إلى الحرم تَقَرُّبًا إلى الله تعالى، وإنما يجب كما ذكرنا بفعل محظور، أو تَرْكِ واجب، وهو كأضحية العيد، يشترط فيها أن لا يكون بها عيبٌ، أو مرضٌ، أو عورٌ، أو عرَجٌ بيِّن، واتفق الفقهاء على جواز الأكل من هدْي التطوع، كهدْي الحاج المفرِد، واختلفوا في حكم الأكل من الهدْي الواجب: كهدْي التَّمتُّع، والقِران، والهدي المنذور، والمختار للفتوى: أنه يجوز الأكل منه؛ لعموم قوله تعالى: {فَكُلُواْ مِنۡهَا وَأَطۡعِمُواْ 0لۡبَآئِسَ 0لۡفَقِيرَ}، أما عن محل ذبح الهَدْي فالمُحْصَر يَذْبح في مكان إحصاره، وما عداه فالحرم كله محل للذبح.