انتهى لقاء شيخ الأزهر د.أحمد الطيب وممثلى السلفيين فى الجمعية التأسيسية للدستور إلى صدام وأزمة ربما تكون المسمار الأخير فى نعش الجمعية التأسيسية الثانية، حيث رفض الأزهر الشريف مطالب الدعوة السلفية بتعديل المادة الثانية فى دستور 71 لتصبح «أحكام الشريعة» هى المصدر الرئيسى للتشريع بدلا من «مبادئ الشريعة» أو الاكتفاء بكلمة «الشريعة» فقط، وأصر الأزهر على موقفه، مؤكداً أن أى تغيير يطرأ على نص المادة يثير أزمة داخلية ولا يتماشى مع الصالح الوطنى، كما أن المادة بوضعها الحالى لا تتعارض أصلاً مع الشريعة. وكشف يونس مخيون، عضو الهيئة العليا لحزب النور السلفى المقرر المساعد للجنة المقومات فى تأسيسية الدستور المسئولة عن وضع ال39 مادة الأولى، عن أن حزب النور أكد فى لقائه مع شيخ الأزهر أنه ليست لديه مشكلة على الإطلاق فى أن يكون هناك نص فى الدستور يؤكد على أن يكون الأزهر هو المرجعية الإسلامية الوحيدة والنهائية لكل ما يتعلق بالشئون الإسلامية. وكشف مخيون عن اختلافات بينهم وبين الأزهر حول نص المادة الثانية من الدستور، مشيراً إلى أن الأزهر يرغب فى الإبقاء على نص المادة الثانية من الدستور كما هو فى دستور 71، وقال «أبدينا اعتراضنا على كلمة (المبادئ) لأن المحكمة الدستورية فى حكم شهير لها فسرت المبادئ بأنها الأحكام قطعية الثبوت قطعية الدلالة وهو ما يخرج معظم أحكام الشريعة من حيز التطبيق لأن غالبية هذه الأحكام ليست قطعية الثبوت قطعية الدلالة». وفى السياق ذاته كشف مخيون عن لقاءات تمت بينهم وبين خيرت الشاطر قبل فوز الدكتور محمد مرسى بانتخابات الرئاسة ووعدهم الشاطر خلالها بحذف كلمة المبادئ واستبدالها بكلمة «الشريعة» مباشرة. وأوضح مخيون أنهم اعتمدوا الأزهر كمرجعية نهائية لتفسير نصوص الشريعة وما اختلف فيها فى حدود المذاهب المعتبرة (الشافعى والمالكى والحنبلى والحنفى)، ورهن مخيون بين اعتماد الأزهر كمرجعية نهائية وبين أن تكون الشريعة هى المصدر الرئيسى للتشريع. وأكد مخيون أنهم لن يقبلوا أن تكون مبادئ الشريعة هى ما تنص عليه المادة الثانية وأن حزب النور والدعوة السلفية متمسكان بموقفهما من المادة الثانية على أن يكون الأزهر مرجعية إسلامية للشريعة فى تفسيرها وفى تفسير الاختلاف باعتبار المذاهب المعتبرة الأربعة وعلى أن يكون الأزهر المؤسسة وليس الأفراد هو المرجعية عند الاختلاف فى تفسير النصوص. من جانبه أشار الدكتور نصر فريد واصل، مفتى الجمهورية الأسبق، إلى أن المطالب بتعديل المادة الثانية من الدستور والنص على أحكام الشريعة بدلا من مبادئها أمر مرفوض نظرا لوجود توافق وطنى حول الإبقاء على المادة الثانية دون تعديلها. ولفت إلى أن من يطالب بذلك يريد تطبيق الشريعة والأحكام بتفصيلاتها، مؤكدا أن الأحكام بها تفصيلات ومذاهب متنوعة تؤدى إلى خلافات بين المسلمين، أما المبادئ العامة للشريعة فهى واسعة وفضفاضة ولا تفرض أمرا معينا.. كما أن كل القوانين والتشريعات الصادرة تخرج بما لا يتعارض مع الشريعة وفقا للمادة الثانية. وأيد موقف الأزهر الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية، مؤكدا أن المادة الثانية من دستور1971 والتى نصها «الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة هى المصدر الرئيسى للتشريع» يجب أن تبقى كما هى، رافضاً المطالبة بتغيير المادة من كلمة «مبادئ» إلى «أحكام» لأنها ستضر ولن تنفع. ولفت إلى أن الأحكام أشد من المبادئ وإذا وضعت فسنجد مليونا و200 ألف فرع فقهى، وهنا يثار الجدل على أية مذهب دينى سنتبع أو نحكم فى قضية ما، وستجد المحكمة الدستورية مشاكل لا حل لها وبالتالى يضيع المقصود منها. وأوضح جمعة أن المادة الثانية لها فوائدها الكبيرة، وليست كما يقول البعض أنها بلا قيمة، فمع وجودها لا يمكن إباحة أى أمر مخالف للشرع، وعلى سبيل المثال لا يمكن إقرار قانون يبيح الشذوذ الجنسى أو الزنا، أو الإجهاض.