بعد فوز الدكتور محمد مرسى بمنصب رئيس الجمهورية أعلن أنه رئيس لكل المصريين وهذه المقولة هى الواجبة فى خطاب الرئيس -أى رئيس- الذى يتم انتخابه خاصة الرؤساء الذين يفوزون بأغلبية ضئيلة كما فى حالة رئيس مصر الجديد. والتحدى الأكبر الذى يواجه الرئيس محمد مرسى هو انتماؤه لجماعة الإخوان المسلمين، فهذه الجماعة تشعر أنه ما دام الرئيس قد خرج منهم وبدعمهم وأموالهم فإنه يتعين عليه أن يكون لهم ولهم فقط لتمكينهم من السيطرة على باقى السلطات فى الدولة لتحقيق ما يهدفون إليه. والرئيس من جانبه يريد أن يثبت مصداقيته أمام الشعب المصرى كله بأنه انسلخ بالفعل وبالقرارات والسياسات عن جماعة الإخوان المسلمين وليس بالقول فقط، خاصة أن الرئيس يعلم وكذلك جماعة الإخوان المسلمين أن وصول الرئيس إلى قصر الرئاسة كان بفضل ملايين الأصوات التى لا تنتمى إلى جماعة الإخوان المسلمين الذين لم تتجاوز أصواتهم خمسة ملايين صوت، وبالتالى فإن الأصوات التى مكنت الرئيس من قصر الرئاسة والتى قاربت الثلاثة عشر مليون صوت ليست يقيناً أصوات الإخوان المسلمين ولذا فإن من حق غير الإخوان أن يشعروا أنهم شركاء فى هذا المنصب لأنهم كانوا العامل الحاسم فى هذا النصر. فإصرار قيادات الجماعة على تنفيذ طلبات محددة من قبيل عودة مجلس الشعب المنحل وإلغاء الإعلان الدستورى المكمل وإعادة محاكمة رموز النظام السابق وعدم المساس بجمعية وضع مشروع الدستور الحالية وحلف اليمين الدستورية فى ميدان التحرير والاعتصام حتى تحقيق هذه المطالب التى لا يملك الرئيس محمد مرسى تحقيقها -حتى لو أراد- يضع العراقيل أمام الرجل لمباشرة مهام منصبه ولا يُمكنه من تنفيذ ما وعد به الشعب، مما سيؤثر حتماً على مصداقيته فى أول اختبار له، كما أنهم -جماعة الإخوان المسلمين- يضعون رئيس الجمهورية أمام اختيار صعب فهم يطلبون منه ما لا طاقة له به، خاصة فيما يتعلق بحلف اليمين الدستورية، وقيادات الجماعة تصر على أن يكون حلف اليمين أمام مجلس الشعب المنحل الذى سيجتمع بميدان التحرير فإذا ما انصاع لهذه الرغبة فإنه لن يتمكن من مباشرة مهام منصبه كرئيس شرعى للبلاد وبالتالى نكون أمام صدام مبكر بين الرئيس المنتخب والشرعية الدستورية، وإذا اختار أن يقسم اليمين أمام الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية العليا فإن ذلك يمثل اعترافاً صريحاً بالإعلان الدستورى المكمل الذى ترفضه الجماعة وفصائل أخرى من القوى السياسية مما يعد إخلالاً بما قطعه الرئيس على نفسه -قبل انتخابه - برفض الإعلان الدستورى المكمل. والتحدى الثانى الذى يواجه الرئيس هو إعادة التماسك للشعب المصرى والعمل على وحدة الصف والهدف فقد ورث الرئيس تركة مثقلة ومشاكل معقدة لن يتمكن من حلها إلا باستعادة ثقة المواطن العادى فيمن يحكمه وذلك بأن يكون الحاكم نموذجاً يحتذى به فى تنفيذ ما وعد به على الأرض وبث الأمل فى النفوس لتحقيق الأهداف بعيداً عن الشعوذة والفهلوة وهذا التحدى لن يتغلب عليه الرئيس الجديد إلا بعدم السماح بأن يكون منصب الرئاسة محلاً للمناورة بين رغبات القوى المتصارعة حالياً وألا يطلب الدعم والغطاء والحماية إلا من الشعب الذى سيقف حوله وبجواره وليس خلفه يسانده ضد أى ابتزاز من أى قوة يمكن أن تعوقه دون تحقيق ما وعد به المصريين جميعاً. والتحدى الثالث للرئيس محمد مرسى والعاجل هو تحقيق الأمن للشارع وللمواطن المصرى إذ بدونه لن تقوم للاقتصاد قائمة ولن يتحقق أى بند من بنود مشروعه للنهضة بما سيكون له الأثر الأكبر فى فقدان الثقة به وبمشروعه ويطيح بمصداقيته، لأن الشعب ما عاد يحتمل المزيد من الوعود التى لا تنفذ فى ظل حالة قلق عارمة تجتاح كل المصريين. هذه التحديات العاجلة يجب على الإخوان المسلمين قبل غيرهم أن يساعدوا الرئيس الجديد على مواجهتها بأن يخففوا من غلوائهم وتصريحاتهم وجموحهم واستعجالهم للقبض على زمام السلطة فى البلاد وأن يكفوا عن وضع القنابل الملغومة فى وجه الرئيس.