رفض علماء بالأزهر، ومن اتجاهات سياسية ودينية مختلفة، مقترح القانون الذى يقضى بإلغاء المرجعية الدينية للأزهر الشريف، وناقشته لجنة الشئون الدينية بمجلس الشعب، أمس، لأنه يحد من دوره، ويثير أزمة جديدة فى المجتمع المصرى. انتقد الدكتور نصر فريد واصل، عضو مجمع البحوث الإسلامية، المشروع، قائلاً: «الأزهر هو المرجعية الأساسية والرسمية والوحيدة للدين الإسلامى، ليس فى مصر وحدها، ولكن فى الوطن العربى والعالم بأسره». وأضاف أن مسألة المرجعية الدينية والعلمية للأزهر «محسومة ولا مجال لمناقشتها، ويجب ألا يضيعوا أوقاتهم داخل مجلس الشعب فى هذا الأمر، وأدعو من تقدم بهذا القانون إلى أن يخبرنا عن الجهة الدينية والعلمية التى يمكن أن تحل بديلاً للأزهر الشريف». وأوضح واصل أن «الأزهر يعبر عن الإسلام الوسطى، ولا يفرق بين المذاهب الدينية، ولا يطرح نفسه كفصيل سياسى للمجتمع، مثل التيارات الدينية الموجودة على الساحة الآن، ولكنه الهيئة الدينية والعلمية الرسمية التى يعود إليها الجميع، وهو محل للثقة والتقدير من كل الأطراف»، مؤيداً انتخاب شيخ الأزهر ومفتى الديار المصرية من قبل هيئة كبار علماء الأزهر، بدلاً من أن يعينهما رئيس الجمهورية، لأنه: «هكذا كان الوضع قديماً، ويجب أن نعود إليه، فشيخ الأزهر يختاره علماء الأزهر». ورحب بضم هيئة الأوقاف إلى الأزهر. وفى المقابل، قال طارق قطب نائب حزب الحرية والعدالة: «نرفض هذا القانون الذى يسىء للأزهر ويهدم تاريخه، ويبحث له عن منافس، مع أنه هو المرجعية الدينية الأولى فى العالم الإسلامى»، مضيفاً: «نحن مع الدعوة إلى تحرير الأزهر من قيود فرضت عليه فى العهد الماضى، ولكننا نرفض الإطاحة به لصالح هيئة أو جمعية تتحدث باسم فصيل سياسى أو دينى». واستبعد قطب أن يكون مشروع القانون السلفى معبراً عن رأى حزب النور، وقال: إنه يعبر عن رؤية شخصية، يرفضها «الحرية والعدالة»، ولن يوافق على المشروع الذى ولد ميتاً، لأنه ينال من المؤسسة الدينية الأولى فى مصر.وأبدى فريد زهران، المتحدث الرسمى باسم الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، اعتراضه على القانون، قائلاً: «هناك من يريد أن يحول الإسلام لكهنوت، ويضفى على نفسه أو جماعته ثوباً من القدسية، بحصر المرجعية الإسلامية فى ذاته، وإبعاد الأزهر». وأضاف: «على من يريد أن يكون مرجعاً ويتحدث ويحتكر الدين أن يكف عن ذلك، وألا يتنازع مع غيره من المؤسسات الدينية فى هذا الإطار، خاصة مؤسسة الأزهر، لأنه مؤسسة ذات قيمة مهمة لدى جميع المصريين». وأضاف: «أهل السنة فى العالم الإسلامى كله يعتبرون الأزهر منارة إسلامية، ومؤسسة كبرى يمكن أن تكون الأقرب للصواب». ويرى المهندس حامد مشعل، عضو اللجنة الإعلامية للجبهة السلفية، أن تحجيم دور مؤسسة الأزهر فى ألا يكون المرجعية الوحيدة للشئون الدينية، أو صاحب الرأى الوحيد فيما يتصل بالشئون الدينية والمشتغلين بالقرآن وعلوم الإسلام أمر «خاطئ»، بحسب تعليقه، لأنه سيتسبب فى التشرذم الدينى حول المواقف والغايات، والأزهر منارة الإسلام ليس لمصر فقط ولكن للعالم العربى والإسلامى كله، ومرجعيته الوسطية لدى الشعب المصرى تجعله مطمئناً تجاه مسار حياته. مشعل طالب بالتراجع عن مناقشة الفكرة من أساسها، كونها قد تتسبب فى إحداث بلبلة فى الشارع فى الوقت الذى نتكاتف فيه من أجل الوحدة خلف أهداف الثورة، مطالباً فى الوقت ذاته بسرعة إصدار قانون استقلالية الأزهر الشريف مادياً وتنظيمياً.