قال الله تعالى: (وللهِ على النَّاسِ حِجُّ البيتِ مَن استطاعَ إليهِ سبيلاً، ومَنْ كَفَرَ فإنَّ اللهَ غَنِيٌّ عن العالمين))، آل عمران: 97. قال أهل التفسير، هذه آية وجوب الحجّ عند الجمهور؛ أى: فرض واجب لله على من استطاع من أهل التكليف السّبيل إلى حجّ بيته الحرام الحجّ إليه، وروى مسلم فى صحيحه، عن أبى هريرة (رضى الله عنه) قال: خطبنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم) فقال: «أيّها النّاس قد فرض عليكم الحجّ فحجّوا»، فقال رجل: أكلّ عام يا رسول اللّه؟ فسكت حتّى قالها ثلاثا؛ فقال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم): «لو قلت: نعم لوجبت، ولما استطعتم»، ثمّ قال: «ذرونى ما تركتكم؛ فإنّما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم، وإذا أمرتكم بشىء فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شىء فدعوه». وصحّ عن عمر بن الخطاب (رضى الله عنه) أنه قال: «من أطاق الحجّ فلم يحجّ فسواء عليه مات يهوديّا أو نصرانيّا»، وعنه أيضا أنه قال: «لقد هممت أن أبعث رجالا إلى هذه الأمصار فينظروا إلى كلّ من كان عنده جدّة فلم يحجّ فيضربوا عليهم الجزية؛ ما هم بمسلمين، ما هم بمسلمين». فليبادر المسلم بالحج إن لم يحجّ حجة الإسلام قبل أن يحال بينه وبين أداء النسك؛ فكم من المسلمين الموحدين الصادقين ممن تقطعت قلوبهم، وتفطّرت أكبادهم، وبكوا دما لا دموعا حتى يصلوا إلى البيت الحرام، ولكن.. . حيل بينهم وبين ما يشتهون. وكم من كافر على وجه الأرض حرم نعمة الإسلام! وكم من عظيم أغلق دونه الباب.