لا أعرف لماذا ينتابنى قدر كبير من التفاؤل عن مستقبل مصر بعد تولى الرئيس الجديد رغم أن الحقائق الموجودة على الأرض تنبئ بمعارك كثيرة تنتظره، فلم يسلّم رجال النظام القديم سلاحهم بعد، ولا أعرف متى ينقطع جريان نهر الأموال ولا من أين تأتى كل هذه الأموال، ولم يتوقف الإعلام المدفوع الأجر عن الهجوم غير المبرر على الرئيس الجديد، ولم تتوقف القوى المتربصة عن تحليل كل نفس يتنفسه الرئيس الجديد وتفسيره كل على هواه، كما تمسك الدولة العميقة، كما يسمونها، بأسرار الأزمات المعيشية للشعب وتوقيتات تفعيلها، ويقف المجلس العسكرى ممسكا بسلطاته ومستندا على قوى لا قبل للرئيس الجديد بها، أما أباطرة الداخلية فيراهنون بقضية إعادة الأمن، وتبقى قضية الاقتصاد ورجال الأعمال وفيهم كثيرون يدينون بالولاء للنظام الذى جمعوا فيه أموالهم ويرغبون فى استمرار نفس طريقة العمل التى تعودوا عليها، فماذا بقى لنتفاءل به؟ أول ما يدعو للتفاؤل هو الثقة فى الله سبحانه وتعالى، ولست من الإخوان المسلمين ولا من أى فصيل إسلامى آخر، ولكنى مجرد مؤمن يتأمل ما حدث من أحداث، كانت جميع الحسابات لا تتوقعها ولا يزال يستحيل عملها بالحسابات المادية البحتة. ثانى ما يدعو للتفاؤل هو الثقة فى الشعب الحالى وهو يختلف تماماً عن الشعب الذى كان موجوداً قبل 25 يناير. ثالث أسباب التفاؤل أننى أشعر أن الرئيس الجديد هو واحد منا فعلاً. مهما قالوا عن الإخوان وتنظيماتهم، إلا أنى أرى رئيساً يشبهنى، مارس نفس الحياة التى مارستها، وعانى فى فترات حياته كثيراً مما عانيت، ركب المواصلات العامة حتى وقت قريب، وعندما ركب سيارة عانى من فوضى المرور، وقف فى الإشارات، و«غلس» عليه أمناء الشرطة، ذهب ابنه للعمل كطبيب فى السعودية لتحسين أحواله المعيشية. واحد عادى، يمكن أحسن شوية من بعض الناس، ولكنه أقل من طبقات كاملة لها من الامتيازات ما يبعدها تماماً عن الإحساس بما يشعر به المواطن العادى، وهذا هو أهم ما يدعونى للتفاؤل بعد توفيق الله سبحانه وتعالى. أشعر أن ما سوف يتخذه هذا الرجل من قرارات ستكون موافقة للمواطن العادى، وبذلك سيجد كل التأييد والدعم من الناس، وما أدراك ما تأييد الناس.