بددت دراسة حديثة كثيراً من الأساطير والأفكار المغلوطة حول المومياوات وأسرار عملية تحنيط المصريين القدماء لموتاهم، ومنها أن التحنيط كان قاصراً على الملوك والأمراء وأتباعهم المخلصين فقط وأن انتزاع المخ والأحشاء من الأنف كان هو التقنية السائدة فى التحنيط. وحسب الدراسة التى أجراها العالم الكندى أندرو وايد، وزميله أندرو نيلسون، على 84 من المومياوات القديمة بمتاحف فى جميع أنحاء العالم باستخدام أشعة إكس، فإن ما سبق مجرد أقاويل غير دقيقة روج لها المؤرخ اليونانى الشهير هيرودوت، حين روى وصفاً لعملية التحنيط خلال زيارته لمدينة «طيبة» وأكد فى رواياته أن المصريين يحنطون الأثرياء بانتزاع المخ عبر الفتحة اليسرى من الأنف، ويستخدمون محاليل كيميائية رخيصة فى تحنيط الفقراء الذين يتم دفنهم دون أن يُلفوا فى كفن من الكتان الذى يميز شكل المومياء المعروف. وأثبتت الدراسة أنه بحلول عهد الملك توت عنخ آمون، الذى توفى عام 1323 قبل الميلاد، أى قبل ذهاب هيرودوت لمصر، أصبحت كل تقنيات التحنيط، التى كانت قاصرة على النخبة، متاحة لعامة المصريين وفى مقدرتهم المالية. وأشارت الدراسة إلى أن عملية التحنيط نفسها لم تكن دائماً مثلما وصفها المؤرخ اليونانى، فأحياناً كانت تُترك الأحشاء الداخلية والرئتان والمخ داخل المومياوات، وفى بعض الأحيان الأخرى كانت تتم إزالة المخ من خلال ثقب فى منطقة التقاء العمود الفقرى والجمجمة وليس الأنف، ولم تجد الدراسة أى دليل على استخدام مواد أخرى أرخص لتحنيط الفقراء، لكن العالمان الكنديان لاحظا اختفاء القلب فى معظم الفقراء المحنطين على عكس جثث الأثرياء الذين احتفظوا بقلوبهم. واستنتج الباحثان فى الدراسة التى نشرتها صحيفة «يو إس إيه توداى» أن الاحتفاظ بالقلب كان امتيازاً خاصاً بالنخبة فقط.