زيارة «أشتون» لمصر أكدت اعتراف الاتحاد الأوروبى بثورة 30 يونيو، كما لوحظ أن المؤتمر الصحفى لمساعد وزير الخارجية الأمريكى «بيرنز» لم يذكر مطلقاً لا اسم الرئيس مرسى، ولا جماعة الإخوان المسلمين، ورغم ذلك فإن الرأى العام الغربى عامة، والأمريكى خاصة، ما زال يتحدث بمصطلحات مثل «انقلاب، اعتقالات...إلخ» ويعود ذلك إلى أن التنظيم الدولى للإخوان المسلمين دفع مبالغ تتجاوز المليار دولار (وفق تقديرات باحثين غربيين) لوكالات وشركات إعلام وعلاقات دولية متخصصة، لتسييد وجهة النظر هذه، ومن ثم يجب الإسراع بسد ثغرة الرأى العام الدولى، لذلك أسرعت بتلبية دعوة الثلاثاء الماضى 16 يوليو الجارى فى قناة «الحرة» للحوار فى برنامج «ساعة حرة»، من واشنطن، كان «جيم ديفيد» الباحث الأمريكى المعروف والمستشار السابق فى الإدارة الأمريكية، ود. نبيل ميخائيل، أستاذ العلوم السياسية بجامعة جورج واشنطن، ولمعرفتى السابقة بالمتحدثين، كونهما «جيم» قريب الصلة من رؤى مراكز البحث الاستراتيجية، ونبيل ميخائيل يدرك جيداً كيف تفكر الإدارة الأمريكية، ولذلك عشت دور الصحفى والباحث أكثر من دور المشارك، واقتصرت مداخلاتى على استدراج «جيم» بالطريقة الأمريكية، لكى أحصل على مؤشرات لفهم خارطة الطريق الأمريكية مع الإخوان، وطوال الحوار لم يكفّ «جيم» عن استخدام مصطلحات «الجنرالات، الإخوان، الاعتقالات»، تلك كانت الكلمات «المفتاحية»، وحينما سُئل «جيم» حول طبيعة ما حدث، وهل هو انقلاب أم ثورة؟ أجاب: لا أستطيع الإجابة الآن، لم تتوفر لدينا المعلومات الكافية لتحديد موقفنا!! هنا سألته مندهشاً: كيف يكون لديكم أكبر أجهزة للحصول على المعلومات ومراكز البحث الأكثر علمية، وتكون هذه إجابتك؟ فرد: الموقف أكثر تعقيداً، فى دلالة واضحة على الانقسام الأمريكى، وهنا أشار د. نبيل ميخائيل إلى نقطة هامة جداً، وهى أن «أوباما يقود الولاياتالمتحدة إلى سياسة الانحدار»، وتساءل «ميخائيل»: «أوباما أضعف من أن يتخذ موقفاً وكيف يكون هناك رئيس لأكبر دولة فى العالم ويمضى أسبوعان على أزمة فى أكبر دولة فى الشرق الأوسط ولا نسمع منه موقفاً؟». على الجانب الخاص بما يسمى «المصالحة الوطنية»، قال «جيم» بصراحة: «كيف نتحدث عن المصالحة وقيادات الإخوان معتقلون؟» كان لا بد أن أشرح للدكتور جيم أن جميع قيادات الإخوان المقبوض عليهم أو المطلوبين، ليسوا معتقلين، بل بإذن من النيابة العامة المصرية، وإلا لماذا أفرج عن «الكتاتنى»؟ اندهش «جيم» وكأنه يسمع ذلك للمرة الأولى، وأضفت: هل تقبلون فى أمريكا التحريض على العنف والحرب والكراهية؟ هل ذلك من الديمقراطية؟ وأشرت إلى القتل على الهوية للأقباط فى الأقصر مثلاً، موقف «جيم» يوحى بأن الولاياتالمتحدة تبحث عن مخرج وتريد أن تستخدم أصدقاءها فى المنطقة فى وساطات للخروج من الأزمة. من جهة أخرى، فإن صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية أشارت فى ذات اليوم «الثلاثاء الماضى» إلى أن «بيرنز» لم يذكر اسم الرئيس المعزول محمد مرسى أو اسم جماعة الإخوان المسلمين أثناء مؤتمراته الصحفية بعد اجتماعه مع قادة الحكومة والقوات المسلحة، مضيفة أن «بيرنز» جاء لتوصيل رسالة واشنطن إلى الحكومة الجديدة، وذكرت صحيفة «واشنطن بوست» فى نفس اليوم أن زيارة «بيرنز» إلى مصر تعد أول زيارة يقوم بها مسئول أمريكى بارز للقاهرة منذ إطاحة الجيش ب«مرسى»، قائلة إنها تشير إلى استعداد الولاياتالمتحدة للوقوف إلى جانب القيادة المصرية الجديدة رغم قيام أنصار «مرسى» بمظاهرات لعودته إلى السلطة مرة أخرى. وتابعت الصحيفة: «يبدو أن لهجة بيرنز تؤكد تحول الموقف من قِبل الإدارة الأمريكية فى التعامل مع الوضع الراهن بمصر، من توجيه تحذير ضد خلع رئيس منتخب ديمقراطياً إلى الوقوف بكل ثقلها وراء مؤيدى الثورة». وأكدت الصحيفة أن تعامل ممثلى الحركات السياسية التى قادت الثورة الشعبية ضد «مرسى»، وأيضاً حزب النور السلفى مع «بيرنز» بطريقة «غير ودية»، جاء تأكيداً على الموقف الصعب الذى تواجهه الولاياتالمتحدة. وذكرت أيضاً صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية أن اجتماع وزير الخارجية الأمريكى «جون كيرى» مع مسئولين من الجامعة العربية فى الأردن، الأربعاء، يعتبر اللقاء الأول رفيع المستوى مع دبلوماسيين من جيران مصر منذ سقوط «مرسى»، فى إشارة واضحة إلى أن هذا اللقاء تناول بالطبع ما حدث وما يحدث فى مصر. وأضافت الصحيفة أن المسئولين سيناقشون المشاكل التى يواجهها «كيرى» فى الدفع من أجل بدء محادثات سلام الشرق الأوسط، كما ستتم مناقشة الموقف فى مصر. وأكدت مصادر بحثية أمريكية أن الجنرالات الأمريكيين غير راضين عن ضعف موقف الرئيس الأمريكى «أوباما» تجاه ما يحدث فى مصر، وقال د. نبيل ميخائيل، أستاذ العلوم السياسية بجامعة جورج واشنطن بأن «أوباما» يقود الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى سياسة الانحدار، وأنه بضعفه سيعيد الروس للمنطقة مرة أخرى، على غرار ما حدث فى زمن «عبدالناصر»، الأمر الذى يقلق الجنرالات الأمريكيين الذين يثقون فى نظرائهم المصريين، ولا يعنيهم إن كان ما حدث ثورة أو انقلاباً بقدر ما تعنيهم المصالح الأمريكية، لذلك سوف تتوقف الصفقة الأمريكية القادمة مع التنظيم الدولى على مواقف كل من إسرائيل و«حماس» وتركيا وسفارات الإخوان فى «النهضة» و«رابعة العدوية»!!