"فصيح قوص" .. و"ابن عروس هذا الزمان" .. وغيرها .. ألقاب عديدة اشتهر بها رائد فن الواو في مصر الشاعر محمد الأمين الشاذلي خربوش، الذي دخل مجال الشعر عن طريق الصدفة، وطرقت الشهرة أبوابه بعد أن تعدى الخمسين من عمره بعدما اكتشف قدرته الفائقة على كتابة هذا النوع من الفن الصعب والمعقد. فن الواو هو فن شفاهي، ينتشر فى صعيد مصر وسمي بهذا الاسم لكثرة واوات العطف به، كما يعتمد اللغة الشعبية كأداة للتشكيل الفني مع الإيقاع الموسيقي المحدد وأول من كتب هذا الفن هو "محمد ابن عروس" الذي عاش فى القرن الثامن عشر، إلا أن كلماته مازلت باقية ويتم الاستعانة بها فى الأعمال الدرامية "السيرة الهلالية" و"ذئاب الجبل" و "شيخ العرب همام". خربوش الذي كان يكتب فن الواو ويلقيه على مسامع أصدقائه في قريته الصغيرة "الكلالسه"، 30 كيلو شمال الأقصر، حتى سمعه أحد أدباء محافظة الأقصر فأصر على مشاركته في أحد المهرجانات الشعرية التي كانت تعقد فى ساحة سيدي أبو الحجاج، ومن هنا كانت البداية إذ لم يفاجأ خربوش الحضور بتميزه الشكلي من خلال عمته الضخمة التي تغطى رأسه أو شاربه الأبيض الغزير الذي يملأ وجهه، بل فاجأهم بموهبته الفذة وامتلاكه لأدوات شعرية متفردة لا يضاهيه فيها إلا كبار الشعراء. خربوش شارك فى عشرات الأمسيات والمؤتمرات الشعرية فى جميع محافظات مصر، وحصل على جائزة "الجارد" الثقافية وكرمه الدكتور محمد سلماوى فى منتصف الشهر الماضي بإهدائه درع اتحاد كتاب مصر عرفانا بإسهاماته فى مجال الأدب. كما حصل خربوش مؤخرا على عضوية اتحاد كتاب مصر عن ديوانين شعريين صدرا فى بداية العام الجارى وهما "البكا على رأس الميت" و"شقوق فى حيطان الحلم". خربوش، الذي ولد فى منتصف الأربعينيات من القرن الماضي، يحفظ آلاف القصائد والأبيات الشعرية من كل العصور بداية من العصر الجاهلي وحتى عصر أحمد شوقي، ثم صلاح عبد الصبور، وأمل دنقل الذي يعتبره خربوش من أفضل شعراء الفصحى على مر العصور. وعن بداياته الشعرية يقول خربوش إنه كان يكتب الشعر العامي وفن الواو كنوع من التسلية، ولم يكن يعلم أن ما يكتبه يصلح أن يلقى على مسامع الحضور إلا عندما جمعته الصدفة مع أحد أدباء الأقصر الذي انبهر بما يكتبه. ويضيف خربوش "دعاني الأديب الأقصرى إلى أحد المهرجانات الشعرية التي تقام فى ساحة شعبية تسمى ساحة سيدي أبو الحجاج ومن هنا كانت البداية الحقيقية حيث لم أغب من يومها عن المشهد الثقافي فى مصر، وتتم دعوتي بصفة مستمرة إلى مؤتمرات وزارة الثقافة وإلى الأمسيات الشعرية في الجامعات المصرية وفي المؤسسات الثقافية في القاهرة. وعن ثورة يناير وتأثيرها على حركة الإبداع يقول خربوش "إن للثورة دورا كبيرا فى كسر القيود التي كانت تفرض على المبدعين"، وهو ما حدث معه بالفعل إذ كان يخشى من التنكيل به فى عهد النظام السابق بسبب إشعاره السياسية اللاذعة التي كان يلقيها فى الأمسيات المفتوحة بناء على طلب الجمهور والتي كانت تنقد النظام بطريقة مباشرة.