«فقط جريمة أخرى يا سيدتى العذراء الطيبة، فقط قتل أخى وبعدها تكون مملكتى قد أنقذت»، هذه هى جملة لويس الحادى عشر إلى كاهنة المعبد وهو يستلهم منها غفراناً مقدماً على جريمة لاحقة، فقط قتل أخيه. إنها الميكافيلية الملعونة قبل ميكافيلى نفسه تسكن فى العقول المريضة التى يتجاوز طموحها فى تحقيقه كل الثوابت الأخلاقية والإنسانية، ومن عجب أن جماعة تنسب نفسها إلى الإسلام تجعل مبدأ: «الغاية تبرر الوسيلة» قاعدة حاكمة لسلوكياتها وأفعالها وترتكب من خلال تلك القاعدة كل الجرائم الأخلاقية من مخالفة للوعد وغدر بالعهد وكذب فى الرواية والحديث، بل إنها تذهب بعيداً فى تأصيل أكاذيبها لتجعل منها إرثاً تاريخياً ثقيلاً على ضمير الأمة سعياً وراء تفكيك أوصالها وتدمير وحدتها. وإذا كانت الأكاذيب، كما يدرك المؤرخون قد صنعت فى حياة المسلمين الفتنة الكبرى الملعونة التى ما زالت أصداؤها فاعلة فى تدمير الأمة، فإن الإخوان يسعون سعياً إلى إحداث فتنة كبرى فى حياة المصريين، وهدفهم واضح جلى أن يحدث صراع بين جيش مصر وجزء من شعبها، لذلك اخترعوا هذه الفرية الدنيئة من أن جيش مصر صدرت له الأوامر بإطلاق النار على الساجدين فى صلاة الفجر، مع علمه يقيناً أن جيش مصر يؤدى صلاة الفجر ساجداً لله، وفى الوقت الذى أكد فيه كل شهود العيان وأثبتته كل المشاهد المتلفزة أن الاشتباكات بدأت بعد صلاة الفجر بحوالى الساعة الكاملة وأن عملية إطلاق النيران على المهاجمين المعتدين بالسلاح على الحرس الجمهورى قد بدأت فى ضوء النهار وليس أثناء الصلاة، كما يتحدث الفاتنون الكاذبون ناهيك عن أنها ليست المرة الأولى خلال سنتين التى يضطر فيها الجيش إلى مثل هذا الإجراء العنيف فهو لم يختص به جماعة الإخوان، فقد تناسوا ما حدث فى العباسية أو مع متظاهرى ماسبيرو من الأقباط، إن هنالك قاعدة عسكرية بديهية تقول الجيش مفوض باستخدام السلاح إذا تم الاعتداء على أفراده أو منشآته أو معداته، خاصة إذا كان ذلك الاعتداء يتم بالسلاح والغريب أن الجماعة استساغت لنفسها، وهى ليست جيشاً أن تطلق النيران على من يهاجم مقرها الرئيس وأن تقتل ما بين 10 إلى 12 فرداً فى سبيل حمايته، ثم لا تعطى ذلك الحق لجيش مصر. لكن أحداً من هذه الأطراف التى ذكرت لم يخرج ليفترى هذه الرواية، ويسمى الحادثة «مجزرة الساجدين» سوى جماعة الإخوان التى تحترف تاريخياً هذه الأكاذيب التى تجعلنا نختلف فى الرؤى إلى الحد الذى يجعل كل طرف يعتقد أن الآخر أعمى البصر لا يرى بعينيه وأعمى البصيرة لا يرى بقلبه ويتفاوت وصفنا لنفس المشهد الذى نرى ويطغى الانحياز والهوى على العقل واللسان فيقهر منطق الأفكار وعقل الكلام فيهلوس الإنسان بأشياء لا علاقة لها بالواقع ولا صلة بينها وبين الحقيقة، إن استمراء الكذب وإسكانه مكان الصدق يؤدى إلى مثل هذه الأمراض التى تستحيل بدورها إلى إرث تاريخى، فتنتقل الرواية المكذوبة من جيل إلى جيل بل ويضاف إليها من خيالات الرواة والحكائين حتى تصبح جريمة تاريخية تختزن فى الضمائر المزيفة باعتبارها حقيقة، لكننى أنصح صناع الأكاذيب من الجماعة أن يفهموا إن ما كان ينطلى على الناس قديماً سوف تلفظه الآذان فضلاً عن القلوب والعقول التى تيقنت أن صفة الكذب هى الشارة الرئيسية والعلامة المميزة للجماعة وبدلاً من أن تسرف الجماعة وقاداتها بمستوياتهم المختلفة المتدرجة فى الحديث عن التآمرات التى حاقت بهم وتسببت فى فشلهم، فعليها إن كان قد تبقى لها أى قدر من عقل جمعى أن توجه إصبع الاتهام إلى قادتها الحمقى والجشعة التى لهثت وراء السلطة لهثاً مخالفاً لأبسط المناهج الشرعية وأرادت أن تحكم الجماهير لا بالإسلام، بل بالخداع والكذب. إن هذه الجماعة أكذوبة تاريخية ينبغى أن ينفضها هذا الوطن العزيز عن كيانه فى المستقبل القريب والبعيد وأن تلفظها الأمة الإسلامية من تاريخها العظيم الممتد باعتبارها بدعة ضالة مأواها الدنيوى مزبلة الواقع والتاريخ ومأواها الأخروى هو مأوى كل ضلالة، النار.