سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"بديع": بعض العسكريين ورطوا الجيش في انقلاب.. لكن الرفض الشعبي كان "عارما" مرشد الإخوان في رسالته الأسبوعية: أدعو قادة الانقلاب إلى الرجوع للحق والنزول على إرادة الشعب
أرسل المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمد بديع، أمس، رسالته الأسبوعية إلى أعضاء الجماعة، بعنوان "وحدة الأمة شعبا وجيشا"، وتلاها عنوان آخر "العاشر من رمضان سبب النصر". وجاء في مضمون الرسالة أن العاشر من رمضان هو يوم انتصارات، وسبق أن حقق فيه الجيش المصري نصر أكتوبر، مؤكدا أن الله نصرهم لأن الجنود عادوا إلى دينهم، واستبدلوا جميع الشعارات بكلمة "الله أكبر". وقال بديع في رسالته إن "الأمم الحية تنتعش ذاكرتها دائما بأيامها العظيمة التي وضعتها في سجل الخلود، وقد قال تعالى (وذَكِّرْهُم بِأَيَّامِ اللَّهِ)، وتاريخ أمتنا القديم والحديث ممتلئ بأيام العزة والشرف، ومن أعظمها يوم العاشر من رمضان 1393ه الموافق السادس من أكتوبر 1973، حيث قام الجيش المصري العظيم بأعظم عمل بطولي في التاريخ الحديث، وعبر قناة السويس وحطم خط بارليف، وكسر أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يُقهر، وأعاد للجندي المصري صورته الحقيقية باعتباره خير أجناد الأرض كما جاء في الحديث الشريف، وذلك بعد أن عاد إلى دينه مستمسكا بأصوله ممتثلا لتعاليمه متشبثا بأخلاقه متوحدا على مبادئه، مستبدلا بكل الشعارات شعار (الله أكبر)، التي صارت نشيد المجاهدين، وامتلأ يقين القادة والجنود بأن الله أكبر من كل تحصينات الصهاينة ومن وراءهم، وإذا جلجلت (الله أكبر) في الوغى تخاذلت الأصوات عن ذلك الندا، ومن خاصم الرحمن خابت جهوده وضاعت مساعيه وأتعابه سدى، نعم، لمَّا كانت قلوب الضباط والجنود تردد التكبير مع الألسنة، فتح الله لهم آفاق النصر وتساقطت أمامهم كل الحصون". وأضاف: "ثمة سبب آخر في غاية الأهمية أدى لتحقيق هذا الشرف العظيم، وهو وحدة الأمة، التي واجهت الصف الصهيوني بصف وطنى متماسك ولحمة قوية متينة بين الشعب المؤمن والجيش المجاهد، بعد أن كان بعض القادة أغرقوا الجيش في وحل الخصومات الشخصية بعيدا عن مهمته الوطنية العظيمة، فلما تجاوز الجيش هذه المرحلة الاستثنائية واهتم برسالته المجيدة، انطلق الشعب من ورائه مؤازرا ومعينا، بعد أن أدرك الجميع أن العدو الواقف على أبوابنا حريص على العبث بمقدساتنا والاستهانة بدماء أبنائنا وجنودنا، ومجتهد في شق صفوفنا وبث الفرقة فيما بيننا". وأشار إلى أن "انطلاق معركة الشرف في رمضان كان عنوانا لمرحلة من الإيمان، تربى فيها المسلمون على علو الهمة التي تغلب الشهوة، وعلى انتصار الدين على الدنيا والآخرة على الأولى في نفوس الأمة، فتأهلوا بذلك للنصر المبين واستحقوا الشرف الرفيع الذي سيبقى فخرا لكل المصريين". وتحت عنوان "الانقلاب العسكري صفحة سوداء يجب أن تُطوى"، أكد أنه "في ظلال هذه الذكرى العظيمة، يأتي يوم الشرف هذا العام والأمة تتعرض لمحنة عظيمة ورطها فيها بعض القادة العسكريين الذين لم يعوا دروس التاريخ القريب والبعيد، وانفصلوا عن روح قواتنا المسلحة العظيمة التي تأبى أن تنشغل بغير مهمتها أو أن تؤدي رسالة غير رسالتها الكبرى، التي هي حماية الوطن وحفظ حدوده والتصدي لأعدائه، وأراد هؤلاء القادة أن يُغرقوا الجيش مرة أخرى في الخصومات الحزبية والسياسية، وأعدوا ونفذوا انقلابا عسكريا على الشرعية الدستورية الممثلة في الرئيس المنتخب والدستور الذي ارتضاه الشعب ومجلس الشورى المنتخب بإرادة شعبية حرة، وفي ردة عجيبة إلى عصور الاستبداد والقهر، أعلنوا انقلابهم في الثالث من يوليو، وإزاء الرفض الشعبي العارم لهذا الانقلاب، تصدى الانقلابيون للمظاهرات والاعتصامات السلمية بالمجازر البشرية، التي حاولوا فيها توريط بعض الضباط والجنود ليطلقوا الرصاص المصري على الصدور المصرية العارية والمتظاهرين السلميين وهم سجود في صلاة الفجر أمام دار الحرس الجمهوري، وفي صلاة التراويح أمام مسجد الفتح في رمسيس، وهي حالة غريبة جديدة ليست من أخلاق جيشنا العظيم، وأثارت حفيظة كل المصريين الذين، ملأوا الميادين في القاهرة والمحافظات رفضا لهذا الانقلاب، الذي لم يكتفِ بقتل الشرفاء المسالمين، بل بدأ في إعادة النظام البائد الذي ثار عليه الشعب في الخامس والعشرين من يناير بكل أشخاصه ورموزه، بعد أن أغلق كل وسائل الإعلام التي لا تُسَبِّح بحمده، وفتح أبواب المعتقلات والسجون لكل الشرفاء الأحرار الذين يرفضون العودة إلى عصور الذل والعبودية، والتطاول على مقدسات الأمة وحصار المساجد في رمضان وقتل المصلين". وشدد المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين على أنه "مهما حاول الانقلابيون أن يفصلوا بين الشعب المصري العظيم وقواته المسلحة فلن ينجحوا أبدا، لأن الشعب يميز بوضوح بين الطغمة التي قامت بالانقلاب العسكري وبين ضباط وجنود قواتنا المسلحة الشرفاء أصحاب التاريخ والواقع المشرف، ولن ينسى الشعب المصري اليد البيضاء للقوات المسلحة بانحيازها للشعب المصري في ثورة الخامس والعشرين من يناير، ورغم الأخطاء التي شابت المرحلة الانتقالية، فإن الشعب المصري سيظل يذكر بالإعزاز والتقدير الدور المشرف للقوات المسلحة في عملية التحول الديمقراطية وإجراء انتخابات واستفتاءات نزيهة لأول مرة في تاريخ مصر، جاءت بأول رئيس مدني منتخب بإرادة شعبية حرة، أرسى معالم الممارسة الديمقراطية واتجه بالبلاد نحو الحداثة والرقي والتقدم، ورفض أي تقييد للحريات أو تكميم للأفواه، وبدأ في إنشاء المشروعات القومية الكبرى، ووضع مصر على طريق الإنتاج وعلى خارطة العالم المتقدم، الأمر الذي دفع قوى الظلام والرجعية المرتبطة بالقوى الدولية الرافضة لدور مصري رائد لتجتمع على تعويقه وإفشال مشروعه للنهوض بالبلاد، ولمَّا فشلت في كل الخيارات الديمقراطية، لم تجد وسيلة إلا الانقلاب العسكري الذي انطلق يغلق القنوات الفضائية ويكمم الأفواه ويعتقل الأحرار والشرفاء ويقتل المتظاهرين السلميين، في حملة إرهابية ضخمة لا تعبر مطلقا عن جيشنا العظيم وقواتنا المسلحة، ولا يقبلها هذا الشعب الحر الذي ملَّ الاستبداد وتعلق بالحرية، وأعلن أنه موجود في كل الميادين إلى أن تُطوى هذه الصفحة السوداء من تاريخه، وينتهي هذا الانقلاب الدموي، وتعود الشرعية الدستورية ممثلة في الرئيس المنتخب والدستور المستَفتَى عليه ومجلس الشورى المنتخب بإرادة الشعب الحرة". وأوضح أنه "إذ نحيي ونهنئ شعبنا وقواتنا المسلحة في هذه المناسبة بالانتصار العظيم في العاشر من رمضان، فإننا ندعو قادة الانقلاب إلى الرجوع إلى الحق وترك التمادي في الباطل، والنزول على إرادة الشعب والعودة عن كل القرارات الباطلة التي ترتبت على هذا الانقلاب الباطل، فما بُنِيَ على باطل فهو باطل، ويعود جيشنا العظيم إلى مهمته الوطنية على الحدود، التي بدأ العدو الصهيوني العبث بها فرحا بهذا الانقلاب العسكري الدموي، الذي هو عنده أهم مما حدث في 67، فَاعْتَبِرُوا يَا أُوْلِي الأَبْصَارِ". وأكد بديع أنه "في ظل الشرعية الدستورية، تُطرح كل قضايا الأمة وتُفتح كل الملفات، ويجتمع كل أبناء مصر للاتفاق على النهوض بها، في ظل شرعية دستورية هي أهم مكتسبات ثورة الخامس والعشرين من يناير". ولفت إلى أن "العاشر من رمضان فرصة كبيرة لمراجعة النفس والرجوع إلى الرشد وتقديم المصالح العليا على المصالح الضيقة حزبية كانت أو شخصية، وتقديم المصلحة الوطنية على أي ضغوط أو إملاءات خارجية، فالقرار المصري لا يكون إلا لأهل مصر المحبين لها الحريصين على عزتها ونهضتها". ووجَّه المرشد كلمة إلى "شعبنا المصري العظيم المرابط في الميادين، والمصرِّ على استعادته حريته وإرادته وثورته"، قال فيها إن "الإيمان الذي يتجدد في هذا الشهر الكريم والذكريات الغالية التي تتجدد في هذا اليوم العزيز، كل ذلك يجب أن يبقى حيا في نفوس الأمة متقدا في قلبها، يمنحها الزاد ويمدها بأسباب القوة التي تجعلها تواصل العمل الجاد لتحقيق الرفعة والازدهار للأمة، في ظل وحدة جامعة بين الشعب بكل أطيافه وتياراته وقواته المسلحة"، مؤكدا ضرورة "الاستمرار في سلميتنا، فهي سر قوتنا، ولا يمكن أن نقبل العنف ولا أن ننجر إليه، ومهما اعتدى علينا المفسدون ومهما سفكوا من دمائنا، فسنبقى مصرين على سلميتنا متحدين تحت راية التحالف الوطني لدعم الشرعية، الذي يجمع كل الأطياف السياسية المصرية وكل القوى والهيئات الوطنية الحريصة على الشرعية". وفي ختام رسالته، ناشد بديع "كل وطني غيور وكل مخلص لأمته ووطنه، التوحد خلف الشرعية الحقيقية لنحمي حرية كل المصريين ومقدسات كل المصريين مسلمين ومسيحيين في مواجهة من لا يخافون الله، أما من يخاف الله فلا يخاف منه أحد، فلا دنيا لمن لا يحيي دينا، ومن لم يحترم دينه ومقدساته لن يحترم لا دين ولا مقدسات ولا حرمات أي دين آخر، ومن خان عهده مع الله لن يفي بعهده مع أي إنسان، وهي الشرعية الدستورية التي دخلت مصر معها عهدا جديدا يحتاج لتضافر الجهود وتكاتف الصفوف، واعلموا أن الشدائد التي تمر بها الأمة هي أمارات ميلاد جديد بإذن الله، فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا، ولن يغلب عسر يسرين إن شاء الله، فالعصر هو عصر الشعوب الحرة بامتياز، والنصر حليف الأحرار دائما، وما ذلك على الله بعزيز".