سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بالفيديو| "نجات مومو" مغربية تعيش في القاهرة.. ترتدي "التكشيطة" وتتناول "السفوف" الرمضاني "نجات" تتذكر أول إفطار لها على السلالم الخشبية.. والاحتفال بها في ليلة السابع والعشرين من رمضان
تصعد "نجات مومو" الطفلة التي لم يتعدَّ عمرها ستة أعوام، سلما خشبيا متوسط الطول، وتحيط بها عناية والدتها، وشقيقتها إلى جانبها تحمل قدح الحليب وبعض التمرات، وتجلس عند قمة السلم الخشبي وتردد دعاء الإفطار للمرة الأولى في حياتها، فهو اليوم الأول الذي تصومه من شهر رمضان، وعليها الإفطار بتلك الطريقة التي تنص عليها تقاليد المغرب. تجاوزت "مومو" الآن العقد الثالث من عمرها، تعيش في القاهرة وتحافظ على ارتداء "التكشيطة" زي المرأة المغربية منذ 20 عاما. تقول ل"الوطن" إن الإفطار الأول للأطفال في المغرب مناسبة لها طقوس خاصة، يحتفي بها الجميع في ليلة السابع والعشرين من رمضان. "مومو" التي تعمل بالمكتب الإعلامي لمنظمة الأممالمتحدة، عاشت في مدينة الرباط حتى تزوجة وجاءت مع زوجها المصري إلى القاهرة، لكنها ما زلت تحافظ على عادات وتقاليد أهل المغرب. "مومو" رئيس الجالية المغربية بالقاهرة، تتذكر ليلة 27 رمضان حين التفتَّ أسرتها حولها لتجهيزها لعرس الاحتفاء بصومها الأول، إلى جانب أطفال الحي بأحد ميادين مدينة الرباط، في تقليد اعتاده المغاربة، لترغيب الأطفال في الصيام. رسموا أعينها بالكحل وزينوها. يلتف حول خصرها حزام ذهبي، ويعتلي رأسها تاج أميرات المغرب، مرتدية "التكشيطة" وإلى جانبها أحد أبناء الحارة يرتدي "الجبادور" زي الرجل المغربي قديما، ويمتطي جوادا، يدلفان إلى الميدان في موكب عظيم يعرف باسم "التيفور" أو "زفة" بالمصري، احتفالا بالصيام الأول لهم. الكل يلتقط الصورة التذكارية، والأطفال يحملون الألعاب، والفرق الفنية تعزف مقطوعاتها على شرف أطفال المغرب. ليلة رمضانية لم تنسها "نجات" وعائلتها، عادت بعدها إلى منزلها على أصوات "النفار" ينفخ في بوقه، ويصدر أصواتا ليصحوا النائمون في ليلة لم تغمض لها جفن، ف"النفار" هو أحد المغاربة يقوم بنفس عمل "المسحراتي" في مصر، لكن يستخدم بوقا وليس طبلة. يبدأ عمل "النفار" من اليوم الأول في رمضان. يقوم بمهمته يوميا ليوقظ النائمين لتناول السحور، ويبدأ منذ انتهاء احتفالات "الشعبانة" التي تسبق رمضان احتفاء بقدومه. هكذا تستحضر "نجات" ليالي رمضان في المغرب. حين تذبح المنازل الديوك الرومية على أبوابها، فإن هذا إعلان بداية الشعبانة. تقول "نجات": "الشعبانة تأتي قبل رمضان للاحتفال بقدوم الشهر الكريم، لتجهيز الحلويات وعلى رأسها الشباكية، وذبح الديك الرومي، وتتزين السيدات وتعتلين الأسطح، وتنطلق أصواتهن بالزغاريد احتفالا بثبوت هلال الشهر الكريم". وتؤكد أنه مع بداية رمضان تبدأ الدروس الحسينية بحضور الملك" وكذلك الأساتذة والعلماء يوميا، وتقام ليالٍ لحفظ القرآن الكريم ومسابقات دينية متنوعة على شرف الملك محمد السادس، وحتى ختم القرآن في ليلة السابع والعشرين. وتؤكد "مومو" أن المطبخ المغربي صعب والتجهيز له يبدأ مبكرا من بعد صلاة الظهر، ولابد أن تحضر كل الأسر المغربية على مائدتها "الحريرة"، التي يتم إعدادها من الشوربة وكمية كبيرة من البقوليات، وحمص وعدس وأرز وكرفس. تجلس "مومو" وشقيقتها حول والدتها على الحصير، تفترشان الأرض وتضعان صينية الشاي والقهوة وإلى جوارها "السفوف"، الذي يتم إعداداه بتحميص الدقيق وخلطه بالينسون والسمسم والمستكة واللوز والفسدق والمكسرات، ويُأكل بجوار الشاي أو القهوة المغربية بعد الإفطار، علاوة على تناول "الشباكية"، وهي حلوى تشبه "المشبِّك" المصري، وحلوى مغربية أخرى تشتهر بها المائدة الرمضانية هي "البري يوت"، عبارة عن ورق من الخبز يقسم بمثلثات ويُحشى بالكفتة والشعرية أو اللوز. وإلى جوار "نجات" تجلس صديقتها "حليمة بن كوري" التي جاءت إلى القاهرة قبل ستة أشهر لتعمل مدرسة للغة الفرنسية بمدرسة خاصة. تقول عن المائدة المغربية في رمضان، التي تحضر بعد وجبة الإفطار ويسمونها "العشاء": "الطوجن أهم الأطباق على مائدة العشاء، بعد الإفطار، وفي الشمال يهتمون بطواجن الأسماك، وطاجن البرقوق، الذي يعد من سلق البرقوق ووضع السكر عليه، وكذلك اللحوم". قبل المجيء للقاهرة، اعتادت حليمة التي تنتمي للدار البيضاء، وبقية نساء المغرب الإعداد لليلة 15 من رمضان بوجبة "دجاج"، وهي عادة قديمة جاءت للمغرب من الأندلس. تقول حليمة إن الطبق الرئيسي على السحور الرمضاني هو "البطبوط، وهو عبارة عن فطائر تُخبز في المنازل ويوضع عليها عسل وزبدة". "نجات مومو" وأعضاء الجالية المغربية في القاهرة يحاولون دائما التجمع في إحدى ليالي رمضان على إفطار جماعي، يضم طلاب الأزهر المغاربة كذلك، وتحاول العائلات استحضار الأجواء الرمضانية المغربية، وتجد في رمضان والأعياد الفرصة سانحة للحفاظ على التراث المغربي، لكن الإفطار يكون منوعا بين الأكلات المصرية والمغربية.