على مدار أكثر من تسع سنوات زاد حبي وعشقي لدهب منذ أول يوم زيارة لها ثم يزداد الأمر إلى قرار الانتقال للعيش في دهب ثم منها إلى قرار إيجار بيت لي في دهب ليعتبر مسكني الثاني لي فى مصر. زيارتي لدهب كانت جزء من رحلة اكتشاف كل شبر ومكان مهم على أرض مصر، وهي المهمة التي تمت ولله الحمد في هذا العام، ولذلك فأني أدعو كل مصري لزيارة بلده –التي تعتبر من أجمل بلاد العالم بعد زياراتي لعدد لا بأس به لبلاد العالم- وهو الشيء الثابت في وجداني، لكن لهذه المهمة شروط معتمدة على فهم ثقافة المكان، واحترام الطبيعة كامل الاحترام وعدم تدميرها بأي وسيلة حتى لعدم الوعي لأنها ليست بحجة في سنة 2017 ونحن نملك جميع أدوات التكنولوجيا في ضغطه زر.
يوم أمس تعرضت لثلاث مواقف، سببت كمية من المخاوف على مستقبل جمال وهدوء وتميز جميع محميات مصر الطبيعية، والكارثة من عدم وعي جزء كبير جدا من الشعوب -المصريين وغيرهم- بعدم فهم كيفية التعامل المباشر مع المحميات الطبيعية في كل العالم وليس مصر فقط ودور كل فرد منا سواء حكومة أو أفراد ذات وعي أو المؤسسات التطوعية وغير الحكومية المعنية بالموضوع. ما حدث هو أني ذهبت إلى دهب وقت إجازة عيد الفطر وتوجدت بمنطقة "البلوهول" وهو أشهر مكان لرياضة الغطس والسباحة لمشاهدة جمال الشعاب المرجانية والثاني على مستوى العالم، يأتي إليه المهتمين برياضة الغطس من جميع أنحاء العالم ويطلقون على المكان "مكة الغطاسين" حيث مكة هي أي مكان تُشد إليه الرحال. وفي تلك الأيام تواجدت كميات من البشر بشكل غير طبيعي وبشكل يفوق تحمل المدينة لتلك الأعداد، وكا جزء من واجب كل فرد لديه شيء بسيط من الوعي والاهتمام والفهم لطبيعة المكان، أصبحت أمنع الكثير من المتواجدين على عدم الوقوف على الشعاب المرجانية وتدميرها حيث إنها تنموا فى ملايين السنين وأنت تدمرها في أقل من ثانية، الكثير يستجيب الكثير يبتسم، لكن أحدهم سألته فضلا أن يبتعد عن الشعاب وعدم والوقوف على الشعاب رد بكل ثقة وعلى وجهه ابتسامة البهلوان "متخافش أنا لابس جزمة بحر" وفي رد فعل مني بعد أن قتل كل ذَرة عقل لدي أخبرته أني لست خائف على قدم سيادته بقدر خوفي على الشعاب المرجانية وأهمية المكان المتواجد هو فيه. أما الثاني فكان في أثناء تواجدي بالقرب من منطقة النزول والصعود للبلوهول، وبسبب الزحام وكثرة البشر على الصعود والنزول وعدم إفساح الطريق وعدم الوعي بوجود بعض الغطاسين على أعماق قريبة منهم، ظهر غطاس انتهى الهواء المضغوط بأسطواناته ولو لم يشاء القدر أنه بالقرب من السطح لأكثر من 20 دقيقة لمات! أما الثالت والقاتل لنقطة الثقة وتتابع الأحداث بشكل غريب للفهم، كنا نتحدث مع الغطاس الذي لديه المشكلة وعن إمكانية غرقه بسبب ما يحدث والإهمال في التعامل مع الموقف، وإذ فجأة نسمع من بعيد من أبعد نقطة بالبلوهول "غريييييق" وتكرر النداء، ألقى كل منا ما لديه من أشياء وخلع ملابسه جهز نفسه للقفز لانقاذ الشخص الذي لم يفوت غير دقائق عن حديث مشابه لكارثة قد تحدث وبعد السباحة لمسافة لا تقل عن 20 مترا، وبدأنا نسأل أين الغريق رد شخص سيئ الطباع والإخلاق "وما شأنك أننا نمزح مع أصدقائنا" وبعد حديث ملئ بتعب وجهد ذهب هباءً دون قيمة لحفاظ على حياة شخص -أتمنى من الله أن يكون تعلم شيء منه- ليختم اليوم بأقذر موقف مرّ في تاريخ تواجدي في دهب أحبّ المدن إلى قلبي. وفي أثناء السباحة رجوعا وحتى الوصول إلى المنزل يدور في ذهنى كم من التفكير والرعب والخوف من أن كارثة بشرية ستحدث بوفاة الكثير من البشر لإهمال هذا المكان وكارثة بيئية أخرى هي اختفاء جزء كبير جدا من الشعاب المرجانية من المنطقة وبالتالي خسارة كبيرة اقتصادية وسياحية وطبيعية لمصر وستختفى "البلوهول" من مصر. من حق كل مصري أن يعيش ويستمتع ببلده، لكن بوعي واهتمام بفهم وإجبار من الشرطة والبيئة أيضا وكل مهتم بالطبيعية البحرية وحتى كل من يستفيد اقتصاديا من التواجد في المنطقة. شيء أخير المسؤول عن المحميات الطبيعية من مدينة نوبيع حتى منطقة البلوهول هم شخصان -هذا الكلام على لسان الشخص المسؤول نفسه- يعني أكثر من 80 كيلومترا من المحميات الطبيعية مسؤول عنهم شخصين فقط!! ولدينا في مصر حارس عقار لكل مئة متر لمراعاة مصالحها ويحافظ على نظافتها. أتمنى أن يصل هذا المقال لكل وزير ومسؤول معنى بهذا الشأن فى بلدنا الحبيب لكل مواطن مصرى وغير مصرى يريد أن يستمتع بجمال مصر. لنا الله وأدام علينا جمال وحب "مصر"