صرح الدكتور محمود غزلان المتحدث الإعلامى باسم جماعة «الإخوان المسلمين» بأن الإخوان بريئون من هؤلاء الذين يقومون بالاعتداء على بعض الفتيات والسيدات، أو محال تصفيف الشعر النسائية تحت دعوى النهى عن المنكر والأمر بالمعروف؛ لأن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر باليد هو حق للحكومة وحدها وإلا لعمت الفوضى. والحقيقة أن تصريح الدكتور غزلان منطقى، فالإخوان بصفتهم تنظيماً سياسياً كان أو دعوياً، لا بد أن يتميز بقدر من الانضباط ولا يترك لأفراد أو مجموعات حرية الاجتهاد وتنفيذ هذه الاجتهادات بالقوة والجبر فى أمور تتعلق بتنظيم الحياة الاجتماعية فى دولة كبيرة مثل الدولة المصرية، وشعب متعدد الطبقات والثقافات والاتجاهات السياسية والأديان، ولكن المشكلة ليست فى أعضاء جماعة الإخوان أو حزب الحرية والعدالة، إنما هى تتعلق بتصور الإسلاميين كأفراد وجماعاتهم المختلفة فى علاقاتهم بالمجتمع باختيار أنفسهم أوصياء على بقية المجتمع، مكتفين بفرض ما يعتقدون أنها أحكام السماء على بقية البشر، وما اللهجة الأخيرة إلا نتيجة لانتخاب الدكتور محمد مرسى رئيساً، معتقدين أن الدولة قد آلت لهم والمجتمع المصرى أصبح طوع بنانهم؛ ليشكلوه كما يعتقدون أنه يجب أن يشكل، فبدأوا جهادهم المقدس بحرق تماثيل مثل تمثال رائد السينما المصرية محمد كريم فى مدينة الفنون بالهرم وتحطيم آخر فى المنصورة، بل لقد امتدت الأمور من الغوغاء منهم وأصحاب الأفكار الضيقة إلى مؤسسات كبرى، فوجدنا أن عراقة مؤسسة الأهرام لم تنقذ لوحة «الكورس الشعبى» لفنان كبير هو «عبدالهادى الجزار» من التشويه الذى صنعه بعض القائمين على إدارة هذه المؤسسة، ونتيجة لكل هذه الأحداث، تمت إشاعة مناخ من الإرهاب للمجتمع المصرى بسيداته ورجاله ومبدعيه وفنانيه. حسناً إذن، ما صرح به الدكتور غزلان وإن كان ليس كافياً، فالإخوان بصفتهم الفصيل الأساسى فى «الإسلام السياسى» والذى أخرج من عباءته بقية الفصائل، عليهم مسئولية أكبر من مجرد الرفض، بل إن مسئوليتهم فى الحقيقة هى طرح رؤية سياسية واجتماعية وثقافية تتجاوز رؤية فصائل الإسلام السياسى التى يمكن تلخيصها فى اعتقادهم بالحق فى فرض الوصاية على المجتمع، كما أن مسئولية الإخوان بعد انتخاب رئيس للجمهورية منهم وتوليه رأس السلطة التنفيذية تتحدد ليس فى إدانة ما حدث، بل فى منع ما يحدث وسيحدث من بقية التيارات الإسلامية ومعاقبة كل من يتجرأ على حريات المواطنات والمواطنين، أما الاكتفاء بمجرد الإدانة، فهو فى الحقيقة تواطؤ أو اشتراك فى تنفيذ سياسة: «يد ترهب ولسان يستنكر».