فى ميدان التحرير التقت إرادة الشعب على التغيير والإصلاح، واجتمعت كل الحاجات وتوحدت تحت مظلة مطالب وأهداف الثورة، فى المكان نفسه الذى شهد الجمعة الماضى «مليونية تسليم السلطة ورفض الإعلان الدستورى المكمل»، حضر رموز مشروع النهضة ليشعلوا الميدان لهيبا ثوريا، كل حسب لغته وطريقته وصفته، فأثناء تواجد الرئيس المنتخب محمد مرسى وإلقاء كلمته فى الثوار بميدان التحرير، تداول المتظاهرون صوراً للشيخ راشد الغنوشى، زعيم حركة النهضة التونسية. «الغنوشى» الذى هبطت طائرته فى القاهرة مساء الخميس الماضى، حرص على البقاء فى الميدان للاستماع ومتابعة كلمة الرئيس «مرسى»، اهتمام زعيم حركة النهضة -الحاكمة فى تونس بعد الثورة- انعكس فى توجيهه كلمة من أعلى منصة مجلس أمناء الثورة فى الميدان، «كلمة «الغنوشى» سبق بها وصول موكب «رئيس مشروع النهضة المصرية» وصعوده منصة الرئاسة وخطابه فى الشعب من الميدان. «النهضة» كلمة تجمع التيار الإسلامى المعارض فى مصر وتونس فى مصير واحد هو الوصول للحكم، حركة النهضة تصنف على أنها إخوان تونس، لأن رئيسها ومؤسسها -راشد الغنوشى- عضو بمكتب الإرشاد العالمى لجماعة الإخوان المسلمين، وهى نفسها طبيعة مشروع النهضة فى مصر، الذى تتبناه جماعة الإخوان وتعهد به الرئيس «مرسى» فى برنامجه الانتخابى، يشترك التيار الإسلامى فى الدولتين فى تمثيل مشروع النهضة بعد ثورتين متتاليتين، ومنها كان حضور «الغنوشى» و«مرسى» فى «التحرير» ترجمة لتوحد واجتماع الهدف النهضوى القائم على الفكر الإصلاحى الإسلامى. الوجود الظرفى وراء تواجد الغنوشى فى التحرير -هكذا يقول الدكتور وحيد عبدالمجيد- نائب مدير مركز الدراسات السياسية ب«الأهرام»، موضحاً أن الضيف التونسى جاء فى زيارة لمصر تستغرق أياماً، مؤكداً أن وجوده فى الميدان يوم خطاب «الرئيس» فى الثوار يحمل دلالة رمزية مهمة، مقتضاها أن تونس هى التى بدأت بالربيع العربى وانفجرت منها الثورات العربية الأخرى، عضو مجلس الشعب «المنحل» يشيد بالغنوشى على الدور التاريخى الذى قام به فى مواجهة رئيس تونس السابق «بن على». «وجوده يذكر المصريين ومرسى نفسه بما فعلته وحققته الثورة التونسية» -هذه الدلالة السياسية لوجود الغنوشى فى مصر الآن- حسب «عبدالمجيد»، ووصفه بالزعيم الروحى لحركته فى تونس بدون تقلد أى مناصب، وأنه قدم اجتهادات وخططا واستيراتيجيات سياسية إسلامية، يرى «المحلل السياسى» أن الحركات الإسلامية فى مصر تحتاج لأن تستفيد من اجتهاداته وتستلهمها، لأنه قدم فى العقدين الآخرين نقلة فكرية فى الإسلام السياسى الذى يحكم البلدين حالياً.