كان سقوط نظام الرئيس المخلوع محمد مرسى، بمثابة إنذار موجّه إلى عدد من الدول أو الفصائل التى تدعم الإخوان بشكل عام، وبالطبع سيتسبّب عزل «مرسى» فى تحديات كبيرة وانتكاسات لسياسات دول وحركات، على رأسها التحديات الكبرى التى ستواجه حركة «حماس» بعد سقوط الإخوان، حيث إن هذا السقوط سيكون له «نتائج كارثية» على الحركة، التى ستضطر إلى اتخاذ مواقف أكثر مرونة تجاه علاقتها مع جماعة الإخوان، والوضع القادم فى مصر. أما فى تركيا، فقد تلقت السياسات الخارجية التى تبنّتها حكومة «أردوغان»، صفعة تكاد تتحول إلى «انتكاسة» بمرور الوقت، حيث إن تركيا أخذت تصوّر نفسها نموذجاً يحتذى به العالم المسلم، فحزب العدالة والتنمية التركى، الإسلامى الجذور، الذى واجه مؤخراً أوسع الاحتجاجات ضده فى حكمه المستمر منذ 10 سنوات، نسج علاقات وثيقة مع «مرسى» وحركة الإخوان التى ينتمى إليها. وقد أدى تدخل الجيش للإطاحة بأول رئيس منتخب فى البلاد إلى إثارة الدهشة فى أنقرة التى عملت بجد لتصوير نفسها محركاً إقليمياً وديمقراطية نموذجية فى الشرق الأوسط. وقال مارك بيارينى، الباحث فى مركز «كارنيجى أوروبا»: إنه «استناداً إلى عملى فى الشرق الأوسط أشك فى وجود (نموذج تركى) شامل فى نظر المصريين فى أى وقت كان. النموذج الوحيد الذى يراه المصريون فى تركيا هو السياسة الاقتصادية، حيث أنجزت تركيا بالفعل انضباطاً ونمواً منذ 2001». ورأى أوزديم سانبيرك، الدبلوماسى المخضرم ونائب وزير الخارجية الأسبق، أن تركيا لم تفقد كل المؤهلات لتشكل نموذجاً، «لكن تشخيص السياسة الخارجية فى حزب العدالة والتنمية للعالم الإسلامى ثبتت أخطاؤها. فى الشرق الأوسط، تم تحييد تركيا. من الواضح أن تركيا باتت لا تعلم خفايا الشرق الأوسط كما تؤكد، فحليفتا تركيا فى المنطقة، قطر والسعودية، سارعتا إلى تهنئة خَلَف (مرسى) الرئيس الانتقالى عدلى منصور». وأكد المحللون أن ما حدث فى مصر بعد أيام من الأحداث الدامية والتظاهرات المطالبة برحيل «مرسى»، يضع «العدالة والتنمية» و«أردوغان» فى موقع دفاعى، لا سيما بعد التظاهرات واسعة النطاق ضد الحكومة التركية التى نفّذتها أغلبية من الأتراك العلمانيين ضد أسلمة البلاد وأجندة الحكومة التى تزداد تسلطاً. إلا أن هنرى باركى، أستاذ العلاقات الدولية فى جامعة «ليهاى»، يشدد على أنه ورغم كل ذلك، ما زال حزب العدالة والتنمية حزباً كبيراً، و«ما زال فعالاً». أما فيما يتعلق ب«حماس»، فقال مخيمر أبوسعدة، أستاذ العلوم السياسية والتاريخ فى جامعة الأزهر فى غزة، إن ما حصل فى مصر «له نتائج كارثية على حماس لم تكن تتوقعها». ويقول «أبوسعدة»: «الأسوأ لحماس هو أن عزل مرسى جاء بعد موجة تحريض فى الإعلام المصرى ضدها يُحملها مسئولية المشاركة فى الأحداث». ويضيف: «بغض النظر عن صحة هذه الأخبار، فإن حماس خسرت التعاطف الشعبى المصرى، وبالتالى مع الشعب الفلسطينى وغزة الذى كان سلاحاً قوياً ل(حماس) زمن (مبارك)». من جهته، يرى المحلل السياسى هانى حبيب، أن «الإطاحة بحكم مرسى شكّل ضربة للإخوان فى كل مكان، خصوصاً فى قطاع غزة». وأشار إلى «صدمة» لدى قيادة الحركة، موضحاً أن «هذا ما يبرر اجتماعاتها المتتالية لدراسة معمّقة للنتائج المترتبة على ما حدث فى مصر، لأن حماس تدرك المنحنى الهائل والخطير فى الأيام القادمة عليها، بسبب دعمها وعلاقتها بالإخوان». ويشير «حبيب» إلى أن «الوضع الأمنى فى سيناء سيُتخذ مبرراً للضغط على (حماس) من زوايا عديدة، مثل هدم وإغلاق الأنفاق التى تشكل شرياناً مهماً لقطاع غزة وحماس، وكذلك لحركة وتنقُّل قادة (حماس) عبر البوابة الوحيدة، معبر رفح». ويقول المحلل السياسى مصطفى الصواف، إن العلاقة بين «حماس» وقيادة مصر، ستتأثر فى بعض جوانبها، لكن لن تصل إلى درجة السوء التى سادت العلاقة زمن حكم «مبارك». وقال مصدر مطلع فى القاهرة إن نائب رئيس المكتب السياسى ل«حماس»، موسى أبومرزوق، غادر مع فريقه القاهرة التى يقيم فيها مؤقتاً الأسبوع الماضى. ويرى عدنان أبوعامر أستاذ العلوم السياسية فى جامعة الأمة فى غزة، أن ما يجرى فى مصر «شأن فلسطينى بامتياز، وليس فقط شأناً مصرياً بالنسبة للفلسطينيين، لأنه يؤثر مباشرة على الوضع الفلسطينى والقطاع». ويضيف: «أتوقع علاقة (فاترة وباردة) بين حماس ومصر»، مشيراً إلى أن العلاقة مع مصر «علاقة جوار إجبارية».