لا أريد أن أكتب كثيراً عما حدث، ولا كيف حدث، فقد حدث، والواقع يؤكد أن الأغلبية (الساحقة) من الناس سعيدة وتؤيده وتحتفل به بمنتهى الفرحة. لا أريد كذلك أن أضايقك بحديث مكرر يملأ الفضائيات أو مواقع التواصل الاجتماعى، ولن أدخل معك فى جدل من أى نوع، فواقع الأمر أن المؤيد سيظل مؤيداً والمعارض سيظل معارضاً، والاستقطاب (مكمل معانا) لعشرات السنين. ولن أحدثك أيضاً عن التلون، وعن الإعلام، وعن كل ما ستجده عند غيرى من الزملاء، وسترغى فيه كما تريد، ولن تغير موقفك مهما حدث، وأياً كان، لأن هذه هى سمة المرحلة. لن أدخل فى طابور المطبّلين للسيسى، ولا المخوّنين له، فبالنسبة لى، وحتى لو اختلفت معى، الرجل أدى دوراً وطنياً مهماً انحاز فيه للناس، ويجب تحيته على دوره، دون أن نصنع منه صنماً ودون أن نسبّه ونخوّنه كما هو المخطط لدى كثيرين. لن أفرط فى تفاؤلى، فلطالما أفرطنا فى تفاؤلنا، ثم لبسنا فى حيطة.. يجب الآن أن ننظر إلى كل ما حولنا بتعقل، ودون اندفاع. لن أكون من هؤلاء الشامتين، وبينى وبينك.. أكثر كلمة شماتة توجع صاحبها هى أن تقول له: اللهم لا شماتة، وفى نفس الوقت لن أوافق على هؤلاء المحرضين الذين يشيعون وجود انقلابات فى الجيش ويحرضون عليها لا لشىء إلا لعودتهم للكرسى، وما بين الشامتين والمحرضين شعور صعب بالقىء والمرارة. أنا أريد أن أكلمك عن (بكرة) الذى هو بيد الله، والذى يجب أن نعمل لأجله بحق. بكرة.. لا أريد أن نقف متواجهين ثانية، ولا أن تدفعنا السياسة للتطاحن، بل الأمل أن نعمل على أن نبنى جميعاً دون إقصاء، حتى كتابة الدستور وإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية. بكرة.. لا أريد أن يحكمنا العسكر.. ولا أريد أن يدفعنا أى سوء إدارة أى أحد منهم إلى الهتاف «يسقط يسقط حكم العسكر»، فواقع الأمر أننا نريدهم فى أماكنهم بعيداً عن السياسة، يتعاملون بنزاهة مع اختيار الشعب وليس اختيارهم أو اختيار أمريكا. بكرة.. لا أريد أن تعود الشرطة لممارساتها السابقة.. لا أريد أن يتغول أمن الدولة.. لا أريد تعذيباً.. لا أريد أن أشعر أنهم ينتقمون، أو أنهم سيتعاملون بتعالٍ مع الإسلاميين ليعيدوهم إلى السجون والمعتقلات. بكرة.. لا أريد للمستشار عبدالمجيد محمود أن يصدر ولو قراراً واحداً.. أتمنى أن يستقيل بنفسه وبكرامته بعد أن عاد إليه حقه القانونى، ولا ينسى أننا هتفنا ضده ليرحل، وأن ينأى بنفسه عن أى تحقيق محتمل، أو أى قرار محتمل ضد مرسى وقيادات الجماعة، لأنه لن يكون نزيهاً، ولن يصدقه أحد. بكرة.. لا أريد محاكمات انتقامية.. ولا محاكمات عسكرية.. ولا محاكمات لإرضاء الرأى العام، ولا ظلماً لأحد باسم الثورة، وأولهم محمد مرسى وجماعته وأهله وعشيرته. بكرة.. لا أريد أن يظل الإعلام على مواقفه المنحازة.. انتهت المعركة.. عودوا لحياد افتقدتموه كثيراً، ولمهنية إن لم تحكمكم فى الفترة القادمة فستقوم عليكم أنتم ثورة حقيقية. انتهى زمن الإعلامى المناضل. بكرة.. لا أريد أن ننسى من مات أو قتل من أيام الثورة الأولى، وحتى معركة بين السرايات، بمن قتل فيها من إسلاميين أعرف منهم أحمد عبدالحميد الذى كان جالساً بجانبى قبلها بأيام يتحدث عن ضرورة أن نعيش جميعاً فى وطن واحد وأن يحتوى بعضنا بعضاً. ألف رحمة ونور على كل من قتل ظلماً. بكرة.. لا أتمنى أن أجد العواجيز يتصدرون الساحة، بل ولا أتمنى أن أرى فى الانتخابات الرئاسية القادمة أى وجه من الوجوه التى نزلت الانتخابات الماضية. بكرة.. أتمنى من المتحدث الرسمى باسم القوات المسلحة أن يصدر بياناً رسمياً حول الفيديو الذى يتناقله الإخوان لمدرعة عسكرية يشتبه فى أن أحد راكبيها أطلق النار على ظهر أحد المارة، ورغم أن صاحب الفيديو نفسه يقول فى نهاية الفيديو إن الرصاصة لم تأتِ من المدرعة بل ممن يريد توريط الجيش فى الأمر، إلا أن الرد يجب أن يكون رسمياً وبالإثبات والتوضيح وإلقاء القبض على مرتكب الواقعة. حكمة اليوم: لا تلُم غيرك على فشلك، فلو نجحت ما أعنته عليك.