كانت ثورة 25 يناير تعبيراً عن أطهر ما فى الشخصية المصرية من مشاعر انقضت عليها قوى عاتية متمرسة خبيرة لا قبل لشباب الثورة الأطهار بها. فبينما كان شباب الثورة ينظفون شوارع مصر بعد الثورة لإعداد البلد لاستقبال نتائج ما قاموا به، كانت هذه القوى تفتش على أسوأ ما فى الشخصية المصرية لتغذيه بوسائلها القذرة التى تعلمتها فى أجهزة مع الأسف دفع الشعب المصرى تكلفتها، فظهرت ظواهر جديدة على الناس جعلتهم يكفرون بالثورة وما أتت به، وغزت ظواهر أخرى سيئة كانت موجودة لتزداد توحشاً ولتخلق طبقات جديدة استفادت من الثورة المضادة لتكون حارسة لها ومدافعة عنها حرصاً على ما حصلت عليه من هذه الثورة المضادة. أولى هذه الظواهر هى الدروس الخصوصية. ستقول إنها ظاهرة قديمة، وأقول اسأل أى ولى أمر عن التغير الذى حدث هذا العام فى أسعار الدروس. معلوماتى، التى جمعتها من أكثر من 500 عائلة حرصت طوال العام الماضى على الاتصال بهم، أن الأسعار تضاعفت أكثر من أربعة أضعاف، كما اخترعت مسميات ووسائل جديدة للتكسب، ولنقارن سوياً بين تجارة الدروس الخصوصية وتجارة المخدرات. كلتا التجارتين يستهدف نفس الفئة العمرية لإفسادها، وهى فئة مقتبل الشباب، فواحدة تفسده بتغييب عقله، والأخرى تفسده بتخريب نفسيته وذلك بتعليمه تغليب قيمة المال على العلم. فمن يملك مالاً أكثر سيذهب إلى الأباطرة الذين يلخصون المقرر فى عدة أوراق، والذين يدربونك على ما سيأتى فى الامتحان. وقد تذهب إلى أكثر من ذلك إذا كنت تملك ما يكفى، سيرد البعض بأن مرتبات المعلمين لا تكفى، وهى قولة حق يراد بها باطلا. فلم تكن زيادة مرتبات أى فئة فى المجتمع حامية لهذه الفئة من الفساد، بل سببت زيادة المرتبات فى بعض الجهات زيادة الفساد، ولكن لهذا حديث آخر، لقد عشت فترة الجامعة بين أساتذة أجلاء لا أجد لهم مثيلا وكان معظمهم يستقلون وسائل المواصلات العامة معنا، ولذلك أقترح تجريم الدروس الخصوصية، وإقرار قانون بحبس كل من يقوم بإعطاء درس خصوصى، مع حرمان الطالب المضبوط من الامتحان لمدة سنتين.