أجمع عدد من السياسيين والقانونيين على أن المصالحة ضرورية لإتمام العملية الديمقراطية، وقالوا إن مبادئ الديمقراطية تقوم على تصالح القوى السياسية وعدم احتكار فصيل معين للرأى، مؤكدين أن تكون المصالحة فى الجانب السياسى بين الرئيس والقوى السياسية الموجودة فى المجتمع بعيداً عن الجوانب القانونية، لأنها ليست محل توافق بين التيارات؛ وإنما محل فصل من جانب سلطة القضاء المستقلة عن الحياة السياسية. قال المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق، إنه لا يوجد موانع دستورية أو قانونية تمنع إجراء المصالحة المجتمعية، ولا توجد بنود تحدد آلية التصالح، وأوضح: «إذا كانت هناك جهة تشرف على عملية المصالحة، فنحن بحاجة إلى قانون منظم لها لتمثيل جميع الفصائل، وإن لم توجد جهة معينة؛ فنحن لسنا بحاجة لقوانين لأنها إرادة مجتمعية». وأكد الدكتور إبراهيم العنانى، أستاذ القانون، على أن التصالح أمر مطلوب الآن، ومتعلق بالشق السياسى، لتتكاتف القوى وراء الدكتور محمد مرسى، رئيس الجمهورية، مضيفاً: «لا تصالح فى الشق القانونى»، مشدداً على ضرورة أن يأخذ القانون مجراه ومحاسبة كل من أخطأ، وأشار إلى إعادة المحاكمات خصوصاً فى الجرائم التى شملت تبديد الأدلة، قائلاً: «لا تصالح فى جرائم السلب والنهب وبيع الأراضى وقضايا قتل المتظاهرين». وشدد عصام الإسلامبولى، أستاذ القانون، على ضرورة إجراء الملاحقات القضائية فى ظل امتناع النائب العام الحالى عن تنفيذها، ضد كل من أفسد الحياة السياسية، الذين وصفهم ب«الطلقاء»، قائلاً: «ما فيش جرائم فيها تصالح»، وأوضح أن التصالح يكون فقط مع رجال الأعمال. وقال الدكتور عمرو هاشم ربيع، الباحث السياسى بمعهد الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية: «المصالحة هى الفرصة الأخيرة لجماعة الإخوان؛ حيث فشلوا فى كل مصالحة وتحالف سعوا وراءه فى المرات السابقة، لكن الوضع مختلف هذه المرة؛ لأنه لا يكون التعامل مع فصيل موجود مع غيره من التيارات السياسية فى المجتمع، وإنما مع منصب الرئيس». وتوقع ربيع حدوث المصالحة بنسبة كبيرة؛ لوجود ضغوط خارجية من قبَل المجلس العسكرى، قائلاً: «سينجحون رغماً عنهم فى هذا الاختبار، والرئاسة يصعب فيها الاعتماد على طرف واحد، ويحتاج فيها الرئيس إلى تيارات وفصائل مختلفة تعبر عن جميع طوائف الشعب». ورأى أن الخلافات تقع بين الإخوان والقوى السياسية الأخرى فى البرلمان وخارجه، لكبر عددهم فى البرلمان، أما فى الرئاسة فالقوى السياسية تتعامل مع شخص واحد فقط، مما سيقلل الخلافات، إلا إذا استعان الرئيس بالجماعة فى تعاملاته المختلفة. وقال الدكتور عماد جاد، الباحث السياسى بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن الدكتور مرسى لم يقدم شيئاً حتى الآن فى طريق المصالحة مع القوى الوطنية، وخطابه الأول لا يدل على اتجاهه للمصالحة على الرغم من إعلانه، وإن أراد المصالحة حقاً فعليه توجيه خطاب محدد يوضح أسباب الانقسام وأساليب حلها، وتحديد موقفه من قضايا محددة كموقفه من مجلس الشعب المنحل، والإعلان الدستورى المكمل. وأضاف: «اتجاه مرسى نحو المصالحة الوطنية سيتحدد حين يعلن موقفه من حلف اليمين، وهل سيوافق وفقاً للقانون الآن على أداء القسم أمام المحكمة الدستورية العليا، أم سيمتنع عن ذلك، حين تتحدد مواقفه من أجهزة الدولة وأولها المحكمة الدستورية ستتحدد اتجاهاته نحو المصالحة»، وأشار إلى أن من الأشياء التى ستحدد موقف مرسى من المصالحة هو موقفه من الجماعة، قائلاً: «أسلوبه وطريقته وخطابه تدل على انتمائه لهم على الرغم من إعلانه عكس ذلك».