رأى عدد من المفكرين ورجال الدين أن المصالحة يجب أن تكون من خلال لجنة حكماء يتمتعون بالقبول داخل المجتمع، ولا يكون التصالح فى قضايا قتل المتظاهرين أو الفساد وإهدار المال العام، بل فى القضايا التى لم تنل مصلحة الوطن. قال فهمى هويدى، الكاتب والمفكر الإسلامى، ل«الوطن»: «التصالح مع الأشخاص ليس مشكلة، ولكن المشكلة فى التصالح مع القوى السياسية، ويجرى عبر العقلاء داخل جميع التيارات، على أرضية الديمقراطية والحريات العامة وحقوق المواطنة وقضايا الأمن والاقتصاد»، وأكد على أن اللقاء الذى جرى بين الدكتور محمد مرسى، رئيس الجمهورية، وعدد من القوى السياسية، قبل إعلان النتيجة يمكن البناء عليه باعتباره قاعدة لمثل تلك المصالحات. وأضاف هويدى أن المصالحة مع رموز النظام السابق ليست واردة؛ لأن الثورة قامت على هذا النظام من أجل القطيعة معه؛ ولا يعقل استدعاء رموزه للمشاركة فى الحياة العامة من جديد، وقال إن المصالحة تقوم على أساس المستقبل وليس الماضى، والحديث عن التصالح معهم واستعادة حريتهم مقابل رد هذه الأموال أمر يحتاج إلى حوار سياسى، يبدأ بدعوة رئيس الجمهورية ثم يترك الأمر إلى السياسيين لكى ينهوه؛ لأن المصالحة بالأساس سياسية وليست قانونية. وقال الدكتور جمال قطب، رئيس لجنة الفتوى فى البرلمان المنحل، إنه بعد الثورات والتحولات الاجتماعية الكبرى ينبغى أن يتفرغ فريق من المخلصين المحايدين الذين يتمتعون بقبول لدى الشعب، ويتولون عملية فرز تبين الشرائح التى كانت تخدم الدولة، والشرائح التى كانت تخدم النظام إما مساعدة له أو حرصا على منافعها، ويستطيع هذا الفريق تحديد أسباب فساد النظام ومن شاركوا فيه، وتتولى الجهات القانونية والدستورية وأولها المجلس الأعلى للقضاء والجمعية العامة للفتوى والتشريع بمجلس الدولة، إعادة صياغة قانون العزل فى ضوء الملاحظات التى أبدتها المحكمة الدستورية العليا، وكل ذلك يساعد على تحقيق مصالحة كبرى. وأضاف أن الجميع يدرك أن العناصر المفسدة لم تكن تتجاوز 2 إلى 3% من حجم القيادات العامة فى المجتمع، ومثل هذا الفرز يتيح لقطار الثورة التقدم بخطى ثابتة، مؤكدا أن القضايا التى لا تقبل التصالح هى قضايا قتل الشهداء، وتهريب الأموال ونهبها والاحتكار والانتفاع غير المشروع بموارد الدولة، كما أن الأشخاص الذين لا يمكن التصالح معهم هم قيادات الحزب الوطنى وعلى رأسهم نجلا الرئيس السابق وأحمد عز، وغيرهم. وأشار قطب إلى أهمية إعادة محاكمات رموز النظام السابق، وأن تكون هناك محاكمة سياسية، مؤكدا أن لجنة المصالحة تكون من المحايدين مثل الدكتور أحمد كمال أبوالمجد ومحمد البرادعى وحسام عيسى، وتيار الاستقلال داخل القضاء ومنهم زكريا عبدالعزيز وهشام جنينة، ويكون ذلك من خلال جمعية شعبية لإعادة ترميم قطار الثورة وتصحيح مسارها. فى المقابل، قال الدكتور فوزى فاضل الزفزاف، عضو لجنة حوار الأديان بالأزهر، إن المقصود بالمصالحة هو فتح صفحة جديدة لنهضة مصر وخروجها من كبوتها التى تعانيها الآن وعدم انشغالنا بتصفية الحسابات والصغائر التى كانت موجودة من قبل، وأن يمد كل منا يده إلى الآخر بإخلاص ونتجاوز عما مضى من هفوات، مضيفا: «التصالح لا يكون أبدا مع الذين أخطأوا فى حق مصر ونهبوا ثرواتها وأخذوا أموال الفقراء وهربوها إلى الخارج وتورطوا فى قضايا فساد وإهدار للمال العام، على أن نتنازل عن الأخطاء التى لم تكن تستهدف مصلحة مصر ومنها قضايا الرأى والاختلاف فى وجهات النظر». وأضاف: «الكل يتحدث عن دم الشهداء حتى فقدت الكلمة مصداقيتها، والكلام عن القصاص لأسر الشهداء فى وقت قبول أهلهم للدية من أموال الدولة»، ورفض إعادة المحاكمات لرموز النظام السابق لأن المتهم لا يحاكم على الجرم مرتين، وأن تكون المصالحة من خلال لجنة شعبية من الحكماء والمخلصين.