لم يكن يعلم سكان مصر الجديدة، خاصة القاطنين فى شارع الميرغنى ومنطقة الكوربة، ذات الطابع الراقى، أن وحداتهم السكنية ستفتح لهم باب رزق جديدا، وستكون محط أنظار العالم، ومقصد كل وكالات الأنباء العالمية فى عهد الرئيس محمد مرسى، فما إن بدأ العد التنازلى لقرب اندلاع مظاهرات 30 يونيو، حتى بدأ «بيزنس» تأجير شرفات المنازل وأسطح العمارات السكنية، خاصة المطلة والقريبة من قصر الاتحادية، إلى القنوات التليفزيونية والمواقع الإخبارية، مقابل أجر مادى كبير. عم نجيب محمد، صاحب عمارة سكنية فى شارع الكوربة، أوضح أنه منذ منتصف شهر يونيو، بدأ عدد من القنوات التليفزيونية تتوجه إليه، لتأجير «بلكونة» فى عمارته مقابل 2000 جنيه عن اليوم الواحد، لوضع معدات التصوير بها. عرض عم نجيب على أكثر من ساكن تأجير شرفته، لكن البعض اعترض بشدة على الفكرة، مفضلاً غلق منزله فترة الاعتصامات، والبعض الآخر وافق على التأجير مقابل 2500 جنيه لليوم الواحد. الأمر نفسه تكرر مع حارس العقار المقابل له، عم إسماعيل متولى، الذى يواجه مبنى الاتحادية من الناحية الأخرى، حيث قام بتأجير اثنتين من «البلكونات»، بمبلغ 2000 جنيه للواحدة، أما سطح العمارة، فتم تأجيره بمبلغ 1500 لليوم الواحد، يتقاضى منهم البواب مبلغ 10% كعمولة. عم إسماعيل يتمنى استمرار الاعتصامات لأكثر من يوم، لأنها تدر دخلا كبيرا على «البوابين» وأصحاب العقارات، ممن وجدوا فى هذا الأمر وسيلة تمكنهم من الاستفادة المادية السريعة. على عكس حالة السعادة التى يشعر بها البعض من وجودهم فى منطقة الأحداث الساخنة، فإن الإجراءات الأمنية المكثفة، التى توجد فى المنطقة، أصابت كثيرا من السكان بالقلق والتوتر. محمد أنور، أحد سكان الكوربة، يحكى أنه منذ أكثر من ثلاثين عاماً، لم يشعر هو وعائلته بأى من أنواع القلق، إلا حين تولى «مرسى» الرئاسة، حيث تحول الحى الهادئ إلى ثكنة عسكرية، تملأها سيارات الشرطة فى كل مكان «كنا زمان نتباهى بإننا ساكنين جنب مبنى الرئاسة، دلوقتى كل واحد فينا بيفكر يترك المكان ويسكن بره». «نجيب محمد»، حارس عقار مجاور لقصر الاتحادية، يرى أن يوم 30/6 يوم تعيس على كثير من الأهالى، مؤكداً أن عدداً ليس بالقليل منهم سافر إلى الساحل الشمالى، ونقل ممتلكاته باهظة الثمن إلى أماكن أخرى حفاظاً عليها، بينما فضل سكان آخرون أن يظلوا فى بيوتهم، وأن يشاركوا فى التظاهرات التى ستكون بالقرب من ميدان الاتحادية.