تروج ميليشيات الإخوان الإلكترونية لاتهامات تكفر وتبرر زوراً وبهتاناً قتل فرج فودة، والمحزن أن هذه الاتهامات تبناها شيخ رفع راية التكفير وكان رأس الحربة فى المعركة ضد «فودة» وهو الشيخ عبدالغفار عزيز مؤلف كتاب «من قتل فرج فودة؟» ومؤسس ما سمى بندوة العلماء آنذاك، التهمة الثانية إباحة الزنا، والثالثة تشجيع الخمر. فى صفحة 28 يقول المؤلف عبدالغفار عزيز عن فرج فودة: إنه يبيح الزنا، أما على غلاف الكتاب فيخطو خطوة أبعد وهو أنه يبيح بيوت الدعارة، يعنى أنه يريد تنظيماً للعملية ولا يريدها «سداح مداح». وطبعاً هذا الكلام يجد هوى فى نفوس من يعانون من كافة أنواع الكبت والقهر، ويستنفر عزيمة من يقولون بأن المرأة لها ستران الزواج والقبر، والدكتور عبدالغفار عزيز ليس أول من اتهم فرج فودة بهذا الاتهام البشع، فالشيخ صلاح أبوإسماعيل سبقه إلى ذلك، ولكن بأسلوب أكثر بلاغة حينما كتب له فى جريدة «الأحرار» وطلب منه أن يأتى له بزوجته وأهله فإذا فعل (فرج فودة) فلا كرامة له، وإذا لم يفعل فهو أنانى!!، وأترك لك عزيزى القارئ الحكم على مثل هذا الأسلوب فى الحوار، ولننظر فيما كتبه فرج فودة فى هذا الموضوع الذى استحق بسببه كل هذا الهجوم وكل هذه البذاءة، فى كتابه «الحقيقة الغائبة» فى معرض رده على من يرفعون عقيرتهم بأن الإسلام هو الحدود، ناقش فيما إذا كان الماضى صورة بالكربون للحاضر، وهل ما كان يطبق على بشر كانوا يتسرون بالجوارى ويحلل لهم زواج المتعة، يطبق على شبابنا المعاصر الذى لا يستطيع أن يتزوج بواحدة لعجز ذات اليد، وألا تشفع ظروف الحياة المعاصرة لهم كما شفعت ظروف المجاعة للسارقين فى عهد عمر؟، وحتى لا يذهب الخيال بالقارئ فيؤيد مؤلف الكتاب فى اتهامه ندعه لكلمات فرج فودة فى كتابه «الحقيقة الغائبة» ص120 ليدافع بنفسه عن نفسه، يقول فودة «نحن هنا لا ندعو للزنا، أو نبرر إباحته، كما يحلو للبعض ممن لا يرى الحياة إلا من خلال رجل وامرأة والشيطان ثالثهما، أن يتقول وأن يغمز بجهل، أو يلمز عن شبق، ولا نفعل ما يفعله البعض ممن يؤثرون السلامة فيطالبون بإقامة حد الزنا عن ثقة كاملة منهم أنه حد مستحيل التطبيق».. ويمضى فرج فودة فى شرح كيف هو مستحيل التطبيق، فوجود أربعة شهود عدول يرون الفعل رأى الرشاة فى البئر والميل فى المكحلة هو حلم من الأحلام فى وقتنا الحاضر لا يتم إلا فى أفلام البورنو، ويتحدى فرج فودة هؤلاء المتشدقين بتطبيق الشريعة أن يبحثوا فى ملفات قضايا الزنا منذ نصف قرن حتى الآن وأن يعطوه مثالاً واحداً لقضية يطبق فيها الحد، والسؤال هنا من الذى يطالب بالعقوبة، طالب المستحيل، أم طالب تنفيذ القوانين الوضعية الحالية التى تثبت الزنا حتى بالمكاتيب، والتى أعدمت ثلاثة من الشبان فى حادثة اغتصاب المعادى، بالرغم من تقرير الطبيب الشرعى الذى أثبت بكارتها -ونظن أن البكارة تسقط الحد- وننتظر الإجابة.. التهمة الثالثة: إباحة الخمر؛ فى صفحة 41 من الكتاب يتهم المؤلف فرج فودة بأنه يبيح صناعة وشرب الخمور، وطبعاً هذا ليتخيل القارئ مفكراً سكيراً لا يترك الزجاجة من يده والقنينة من جيبه، وبالطبع لن يستطيع الشاب المسلم أخذ كلامه مأخذ الجد وسيأخذونه على أنه مجرد هذيان سكارى، ورأى الدكتور فرج فودة فى عقوبة الخمر، وهو يشارك فى هذا الشيخ شلتوت فى قوله، أنها عقوبة تعزيزية (ص111 - الحقيقة الغائبة)، وبالطبع لو كان الشيخ عبدالغفار ومن يكفرون «فودة» يعيشون فى عصر «أبوحنيفة» لأفتوا بتكفيره كما فعلوا مع فرج فودة الذى لم يصل إلى نصف ما وصل إليه أبوحنيفة فى رأيه عن الخمر، الذى حلل منها نبيذ التمر والزبيب ونبيذ العسل والتين وهو رأى وضحه د.سعد هلالى الأزهرى المستنير وهوجم عليه أشد الهجوم، برغم إفحامه لمنتقديه بالمنطق والنص ولم يشفع له منطقه أو علمه، وبالطبع كان عدم وجود أمثال الشيخ عبدالغفار والإخوان فى ذلك الوقت من سوء حظنا ومن حسن حظ الإمام أبوحنيفة.