الشيخوخة نوعان: شيخوخة طبيعية، وشيخوخة مبكرة. الشيخوخة الطبيعية -كما يفهم من اسمها- تأتى فى موعدها الطبيعى، بعد أن يطعن الإنسان فى السن، أما الشيخوخة المبكرة، فتداهم الإنسان فى غير موعدها الطبيعى. وفى الحالتين يعانى صاحب الشيخوخة من العجز والضعف والهشاشة الجسدية، ويقاسى على المستوى العقلى من تعطل القدرة على التفكير، والتذكر، وبطء ردود الفعل، وضحالة الإحساس، وعدم إدراك الواقع فى صورته الحقيقية، والعيش فيما يشبه الغيبوبة. يمكننا أن نقول باطمئنان إن نظام «المخلوع» تعرض لشيخوخة طبيعية، حين جرت به شهور وسنون، عاث فيها فساداً فى هذه الأرض، وانتهى الأمر بانقضاض الشعب عليه، ليقضى عليه فى ثمانية عشر يوماً، أما نظام «مرسى» الإخوانى فنستطيع أن نقول -بضمير مستريح- أنه مصاب بنوع من الشيخوخة المبكرة. فبعد ما يقرب من عام من الجلوس على كرسى الرئاسة ثبت للمصريين أن «مرسى» يمارس السياسة بمنطق رجل عاش فى الحكم -ليس ثلاثين عاماً كما كان حال المخلوع- بل لمدة نصف قرن! فبعد سنة من حكمه يشارك «مرسى» الرئيس المخلوع فى العديد من سمات الشيخوخة، وأبرزها: عدم الاكتراث بما يحدث حوله، والبلادة فى التعامل مع المخاطر التى تحيق به، والتهوين الساذج من قدرة خصومه على النيل منه. فالناظر إلى أداء الدكتور «مرسى»، خصوصاً خلال الأسابيع الأخيرة، يشعر أنه لا يكترث بحالة الغضب المتصاعد التى تسيطر على حياة المصريين جراء عجزه عن حل المشكلات التى سبق وبذل لنا الوعود بحلها، ناهيك عن إضافة مشكلات جديدة إلى دفتر أحوال معاناة المصريين، كان آخرها موضوع سد النهضة فى إثيوبيا. إن المصريين يدركون منذ الوهلة الأولى أن رئيسهم «مهمل» بتقدير «ممتاز» فى التعامل مع قضايا الأمن القومى المصرى، لقد عاينوا ذلك فى رسالته إلى شيمون بيريز (رسالة الصديق الوفى) وصبروا، وفى موضوع «حلايب وشلاتين» وصبروا، لكن «التالتة كانت تابتة» فى موضوع سد النهضة الذى يهدد المصريين بالعطش، وإذا كان مرسى يعيش حالة غيبوبة وهو يتعامل مع هذه الملفات، فإن المصريين ليسوا كذلك، إنهم فى قمة الانتباه لما يحدث، ويسجلون ويخمرون. أما البلادة فى التعامل مع المخاطر، فهى تبدو واضحة فى أسلوب تناول «مرسى» وجماعته لموضوع حركة «تمرد»، وما يتم الإعداد له يوم 30 يونيو. فكل ما فعله أنه طالب بتعلية باب قصر الاتحادية أكثر، حتى لا يستطيع أحد القفز من فوقه! بالإضافة إلى الاتكال على الشرطة فى قمع المتظاهرين، وعلى ميليشيات الجماعة فى مطاردة المحتجين، تماماً مثلما فعل سلفه المخلوع، حين اعتمد على وزير داخليته وبلطجية حزبه. هذا ما أعده مرسى لمواجهة يوم الحساب، وهو يدل دلالة قاطعة على أنه يستهين بخصومه أشد الاستهانة. شواهد عديدة تؤكد أن «مرسى» دخل فى «الغيبوبة».. والكبر عبر!