بعكس ما اعتدنا عليه من المتحدثين الرسميين فى المؤسسات الحكومية من تعتيم دائم للمعلومات ونفى مستمر لكل من يشوه صورة المؤسسات التى يمثلونها، يأتى المتحدث العسكرى ليكون واجهة تتطلب شخصاً يعى جيداً أبعاد كل حرف وكلمة يخرجان منه، لأن عدم مراعاة ذلك قد يتسبب فى كوارث لا يمكن تداركها بسهولة، بدوره كان عليه أن يتعلم ممن سبقوه، فمن قبله جاء اللواء محسن الفنجرى فى أصعب لحظات الثورة ليرفع يده ليحيى الشهداء تارة، ويرفع إصبعه مهدداً المواطنين تارة أخرى، لذا كان على العقيد أحمد محمد على أن يعى جيداً أن دوره كمتحدث رسمى للقوات المسلحة هو سلاح ذو حدين، إن أحسن استخدامه رفعه، وإن أساء فلن ينسى التاريخ إساءته. عندما قررت القوات المسلحة أن يكون لها متحدث باسمها، وهى الفكرة التى رسخت بداخلها وقت الفترة الانتقالية التى حكمها المجلس العسكرى بعد ثورة 25 يناير، لمواجهة حملات التشويه التى كانت تتعرض لها المؤسسة العسكرية دون وجود من لهم القدرة والتخصص للرد، عندما قررت أن يكون لها متحدث وقع اختيارها على العقيد «على» لصغر سنه «40 عاماً» ليكون مواكباً لمتطلبات الثورة بإتاحة الفرصة للشباب، ولأنه حاصل على تأهيل عسكرى متميز من خلال حصوله على عدد من الدورات والدرجات العلمية المتخصصة بالولايات المتحدةالأمريكية وبريطانيا وإيطاليا وغيرها. حصل «على» على رتب عديدة، منها قائد كتيبة وأركان حرب عمليات فرقة مشاة ميكانيكية، وعضو بهيئة التدريس بالكلية الحربية، وكذلك كلية القادة والأركان، بجانب تقلده عدداً من الأنواط والميداليات، منها نوط الواجب العسكرى من الطبقتين الأولى والثانية، ونوط التدريب من الطبقة الأولى، بالإضافة إلى نوط بروناى من الأكاديمية العسكرية البريطانية لأفضل الدارسين الوافدين. فى شهر سبتمبر من العام الماضى خرج المتحدث العسكرى على الإعلاميين ليعلن تفاصيل عمليات القوات المسلحة بسيناء بعد شهر من بدايتها، وكانت المرة الأولى التى يتم فيها الإفصاح عن أدق تفاصيل إحدى العمليات العسكرية. ولأنه يعلم أن التكنولوجيا أصبحت هى المنهاج لأغلبية المصريين بعد ثورة 25 يناير، فقد اختار أن ينقل بيانات الجيش عبر «الفيس بوك»، وأدرك المتحدث العسكرى أن الحديث مع فئة الشباب حول وسائل حلقات نقاشاتهم هو الأسلوب الأفضل لنقل وجهة نظر الجيش فى القضايا المختلفة. ورغم جدية وطبيعة عمل المجال الذى يعمل فيه المتحدث العسكرى فإن هذا لم يمنع من ظهور بعد التعليقات البعيدة عن الجدية والمتعلقة به شخصياً التى انتشرت بمجرد توليه المنصب، فبمجرد الظهور الأول له أطلق عليه شباب الفيس بوك «الضابط الحليوة». وقد نجح «على» منذ توليه مسئولية التحدث باسم القوات المسلحة فى أن يلتزم الدقة والمصارحة والمكاشفة، وهو ما ظهر فى أكثر من بيان له، خاصة عندم خرج ببيان له يؤكد مسئولية القوات المسلحة عن مقتل الطفل «بائع البطاطا» على يد أحد جنود الجيش أمام السفارة الأمريكية.