فى العنبر رقم 23 الخاص بمرضى الباطنة فى معهد الكبد ترقد صباح صابر على «39 سنة» 12 يوماً قضتها فى حالة يرثى لها، فى كل مرة تأتى «صباح» لإجراء عملية «البذل» -شفط المياه الزائدة على الكبد- غير أن هذه المرة أكد لها الطبيب أن خروجها أمر صعب. «كل اللى نفسى فيه الوجع يقل شوية».. تقولها أم الأربعة أولاد بحسرة، كسل شديد ونوم مستمر وتشنجات باليد والأرجل هى الحالة التى تتعرض لها مرة أو مرتين أسبوعياً على الأقل.. حاولت أكثر من مرة أن تجد حلاً لنهاية هذا العناء، فأجابتها وزارة الصحة عبر مستشفى قصر العينى بأنها تحتاج إلى زراعة كبد «قالوا لى عايزين متبرع وكمان 250 ألف جنيه للمستشفى»، لكن عمل زوجها «كهربائى» حال دون ذلك. 3 حقن تحتاجها مع كل عملية «بذل» ثمن الواحدة منها 210 جنيهات تشتريها لنفسها قبل ذهابها إلى المستشفى لعدم توافرها.. يدها اليسرى امتلأت بالندوب من كثرة الحقن التى تتعاطها «آخر ما استغنت عنه كان ذهب زواجها لتستعين به على مشقة مصاريف العلاج»، لا تتذكر صباح طريقة العدوى بالفيروس، لكنها مثل غيرها من نزلاء العنبر تؤمن «اللى حصل حصل، خلينا فى بكره عايزين علاج رخيص يرحمنا من الألم.. وتكلفة العلاج». صباح واحدة من 150 ألف حالة كشفت د. منال حمدى السيد نائب رئيس اللجنة الاستشارية العليا لمنظمة الصحة العالمية لمكافحة فيروسات الكبد عن إصابتهم بفيروس الكبد c سنوياً، حسب آخر المسوح الإحصائية حول المرض، وأكدت منال أن معدل الإصابة فى مصر هو الأعلى عالمياً، مشيرة إلى إصابة نحو 1.% من أطفال مصر تحت ال15 سنة بالفيروس، ولا تدفع الدولة مليماً واحداً فى علاجهم، لافتة إلى مطالبة اللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية بوزارة الصحة أكثر من مرة التأمين الصحى بعلاج الأطفال المصابين دون جدوى بينما تتحمل الجمعية المصرية لمرضى الكبد مصاريف العلاج حتى الآن. أكثر أسباب الإصابة شيوعاً فى الكبار هى ذاتها فى الصغار، حسب تأكيد د. منال، وهى نقل الدم المتكرر والعدوى داخل البيت الواحد من أفراد الأسرة المصابين بالإضافة إلى الأطفال المصابين بالسرطان الذين تضعف الأدوية مناعتهم مما يجعلهم أكثر عرضة للعدوى. وأكدت منال أن مصر أنفقت 3 مليارات جنيه على علاج فيروس c للكبار خلال الأعوام الخمسة الماضية، لدى ما يزيد على 200 ألف مصاب، لكن -حسب قولها- زادت نسب الإصابة 4 أضعاف هذا العدد بواقع 750 ألف شخص نتيجة انخفاض الوعى لدى المواطنين بطرق العدوى وارتفاع معدل الإصابة بشكل يفوق المعدل العالمى. ولفتت منال إلى إعداد دليل إرشادى بمركز مكافحة الأمراض المعدية فى أطلانطا الأمريكية لوقف انتشار العدوى بالفيروسات الكبدية فى مصر، وأوضحت منال أن علاج المصابين بالفيروسات دون توعية المجتمع بمسببات انتشار الفيروس بلا جدوى، خاصة أن أضعاف العدد الذى يتم علاجه يصاب بالفيروس.