فى شقة متواضعة بالطابق الرابع، فى البلوك رقم 13 بمساكن القاهرة بالمقطم، لا تفارق مدرّسة فى العقد الخامس من العمر سريرها، تبدو فى حالة انهيار كامل، ولا تتوقف عن الهذيان والصراخ: «انت فين يا سيد.. انت فين يا حبيبى؟».. إنها «زينب فاروق خليل»، 45 سنة، والدة سيد أشرف محمد 21 سنة، عامل، الذى ذبحه خطيب أخته أمام المارة بعد فسخ خطوبته بسبب تعاطيه للمخدرات ودخوله السجن. «ريهام» 25 سنة، شقيقة المجنى عليه، تجلس إلى جوار والدتها فى حالة ذهول وحسرة. قالت إن والدها توفى قبل 5 سنوات وتركها هى وشقيقها القتيل سيد، ورانيا 16 سنة، ومحمد 10 سنوات، ووالدتهم التى تعمل موظفة كرست حياتها من أجلهم، وكل شهر كان يمر عليهم كانت تشكر الله أنه مر بالستر ولم تطلب المساعدة من أحد، وكان «سيد» وقتها فى المرحلة الدراسية بالمدرسة الثانوية الصناعية ولم تمنعه الدراسة من العمل كى يساعد والدته التى رفضت فى البداية ولكن مع إصراره وافقت، وعندما أنهى دراسته وحصل على الدبلوم، كان يوم فرح فى حياة والدتهم، حيث أقامت ليلة لوجه الله، وكانت تقول بأن الله حرمها من زوجها وعوّضها بسيد، وكان بالنسبة لهم الابن والأخ والزوج وكل شىء وخاصة بعد أن أنهى الدراسة وعمل فى شركة مثل والدهم. ريهام تعود بذاكرتها للوراء لتقول: قبل 4 سنوات تقدم لها المتهم محمود السيد، 28 سنة، عامل، وهو ابن الجيران وكان شخصاً محترماً وقتها فوافقوا عليه، واتفقوا معه على أن يكون الزواج بعد عام من الخطوبة فوافق، وبعد مرور عام ونصف العام لم يتقدم بخطوة واحدة ولم يفعل شيئاً يؤكد جديته فى الزواج بل أصبح يتعاطى الأقراص المخدرة، وبعد أن ذاع صيته فى المنطقة طلبت منه والدتها أن تجلس معه، ووقتها أعطته فرصة 6 أشهر أخرى، وكانت المفاجأة أنه تم القبض عليه فى قضية تعاطى مخدر الحشيش، ودخل السجن وأثناء قضائه للعقوبة أرسل شقيقها سيد «الشبكة» لأسرته، وبعد خروجه من السجن طلب الرجوع لها مرة أخرى ولكنهم رفضوا، وظل متمسكاً بأمل الرجوع لها، وكان يهددها بأنه لن يتركها تتزوج من غيره، وبعد عدة أشهر تمت خطوبتها من شاب، وحاول بكل الطرق أن يبعده عنها ولكنه فشل، وقبل إتمام الزواج قام بسرقة شقة الزوجية، وحُرر محضر بالواقعة ولكنها قُيدت ضد مجهول، ولم يبتعد بعد ذلك، بل قابل خطيبها الجديد وهدده وقام بالتعدى عليه بالضرب أمام الناس، وبعدها فسخ الخطيب الخطوبة، وتأكدت رانيا أنها لن تتزوج بسهولة ما دام محمود يريدها، وهى لا تريد أن ترتبط به، فوهبت نفسها للعمل لكى تساعد والدتها فى جهازها إذا ما تقدم عريس حتى لا تطول فترة الخطوبة ويحدث ما حدث قبل ذلك، وعملت فى محل لبيع الملابس ولكنه ذهب إليها وتعدى عليها بالضرب وحطم بعض محتويات المحل، وذهبت هى وزميلتها وحررتا محضراً ضده فى قسم شرطة المقطم، ولكن دون جدوى. وتركت العمل وذهبت للعمل فى مكان آخر ولكنه تتبّعها وقام بالاعتداء عليها وعلى المحل الذى تعمل فيه فتركته أيضاً. بعد فترة، تضيف ريهام، تقدم لها خطيب آخر، وخوفاً من الخطيب الأسبق قرروا عمل الخطوبة عائلية فى المنزل، وبعد فترة قام العريس بفسخ الخطوبة بعد تعرضه لتهديدات مستمرة من الخطيب الأسبق، وبعد ذلك قررت أن تنزل للعمل مرة أخرى، ووعدته بأنها لن تتزوج، خوفاً من المشاكل، لكنها كانت تصطحب معها شقيقها لتوصيلها إلى المنزل بالموتوسيكل وهو ما أثار غضب القاتل، ولذلك طلب منها أن تعود بمفردها ولا تطلب من شقيقها أن يقوم بتوصيلها، وعندما رفضت هددها بسرقة الموتوسيكل، وبالفعل لم يمر سوى يومين حتى نفذ تهديده وقام بسرقة الموتوسيكل وقام شقيقها بتحرير محضر بالسرقة ولم يتهم أحداً وحُفظ المحضر ضد مجهول، وذلك لأنها خافت على شقيقها من أن تفصح له عن تهديد المتهم لها وتعترف بأنه هو الذى قام بسرقة الموتوسيكل. ويوم الأحد قبل الماضى تقدم لها خطيب آخر، وقالت له كل شىء عن الخطيب الأسبق الذى حوّل حياتها إلى جحيم، وما كان منه إلا أنه أخذها وذهب إلى محل لبيع المصوغات واشترى لها الشبكة، وأعلن خطبتهما، وأثناء وجودها فى عملها فوجئت بالمتهم يدخل عليها المحل ويعتدى عليها، وفى محاولة من زملائها للتصدى له قام بالاعتداء عليهم، وهددها بأن يذبح شقيقها أو خطيبها فى حالة التصدى له وأنه سوف يعود بعد نصف ساعة، فلم تبال هذه المرة وقامت بالاتصال بخطيبها وشقيقها، وحضرا على الفور وانتظراه، وبعد فترة لم يحضر فذهبا إلى المنزل وفى الطريق شاهداه يمشى فى الطريق المؤدى إلى مكتب التصوير. أحمد حسن رمضان، 26 سنة، عامل وخطيب رانيا، يتدخل ليحكى قائلاً إنهما ذهبا وراء الخطيب السابق وعندما شاهدهما رجع لهما فقال له سيد (المجنى عليه) إنها المرة الأولى والأخيرة التى يتحدث فيها معه بلسانه. وأضاف أحمد أنه وجد شخصاً آخر أمامه أخرج مطواة من ملابسه وقام بالتعدى عليه وأصابه فى رقبته وبطنه وأذنه وأصابعه، وفى محاولة من سيد لمنعه من التعدى عليه قال له المتهم: «اصبر.. هادبحك زى الخروف وهاتغدى بكبدك»، ولم يترك المتهم سيد حتى سقط على الأرض غارقاً فى دمائه، وهرب، فأخذه أحمد وحمله وذهب إلى مستوصف الزهراء ولكنه رفض استقباله وحمله وذهب إلى مستشفى المقطم الذى رفض استقباله مرة أخرى، ونصحوه أن يذهب به إلى مستشفى الحسين، وبمجرد أن دخل الاستقبال، وجد خطيبته ووالدتها خارج المستشفى، فذهب إليهما حتى يمنعهما من الدخول خوفاً عليهما من مشاهدته فى تلك الحالة، وبعد أن أقنعهما بالذهاب إلى قسم المقطم لتحرير محضر بالواقعة، دخل مرة أخرى إلى قسم الاستقبال بالمستشفى، فوجده على السرير وقد غطوه للأبد.