ظلَّ جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية باستثناء قضية الأسمنت الشهيرة أسير الدراسات الهادئة التى تنتهى النسبة الكبيرة منها بعدم إثبات جريمة الاحتكار أو شبهة الممارسات غير العادلة والمضرة بالمنافسة، إلى أن أعلن مؤخراً عن وجود «كارتلات» بين بعض منتجى الدواجن، وتحديداً فى 24 شركة، أكبر الأعضاء باتحاد منتجى الدواجن، تتحكم فى توريد أمهات الدواجن إلى مزارع مصر.. وانفردت «الوطن» بنشر تلك القائمة، فى المقابل صمت الاتحاد عن الرد على تلك الاتهامات واكتفى الدكتور نبيل درويش بتبرئة أعضاء الاتحاد شفوياً دون أن يقدم دليلا قاطعا على عدم وجود احتكار فى هذا القطاع الاستراتيجى. وفى أولى الموجهات بين جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، برئاسة الدكتورة منى الجرف، واتحاد منتجى الدواجن تحت قيادة الدكتور نبيل درويش، تبين أن منع الاحتكار كشف من خلال دراسة على القطاع تمت خلال الفترة من 2008 إلى نهاية 2010 أن تهمة الاحتكار تم إثباتها على كارتل مكون من 24 شركة تحمل عضوية الاتحاد عبر رسائل قصيرة «SMS» بالموبايل تقوم من خلالها الشركات المنتجة للدواجن بتحديد سعر بيع أمهات الدواجن للمزارع، إضافة إلى أسعار الكتكوت، ما يضر بالمستهلك فى النهاية، من جانبه لم ينف رئيس اتحاد منتجى الدواجن ما استندت إليه دراسة الجهاز، إلا أن د. نبيل درويش أكد أن تلك الرسائل كانت لإبلاغ الشركات بأسعار اليوم السابق وليس لتحديد سعر البيع اليومى، كما أكد أن الفترة التى أشار إليها جهاز حماية المنافسة فى دراسته كان فيها باب استيراد الدواجن والكتكوت مفتوحا من الخارج، الأمر الذى يؤكد براءة الشركات من تهمة الاحتكار. البداية مع الدكتورة منى الجرف، رئيسة جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، التى تحدثت ل«الوطن» بتحفظ شديد؛ نظراً لحساسية قضية إحالة 24 شركة دواجن إلى النيابة لوجود «كارتل» احتكارى فيما بينهم؛ إذ رفضت «الجرف» ما بدر من اتحاد منتجى الدواجن من مبررات للتغطية على دراسة الجهاز التى عكف عليها أكثر من ثلاثة أعوام كاملة، إلا أن الظروف التى مرت بها مصر عقب أحداث يناير حالت دون الإعلان عن نتائجها إلى أن حانت الظروف الملائمة للإعلان عن تفاصيل الدراسة التى أثبتت تورط عدد من الشركات المنتجة لأمهات الدواجن والكتكوت فيها. وقالت «الجرف»: إن دراسة الجهاز رصدت آلافا من الرسائل القصيرة «SMS» تبادلتها الشركات المدانة بتهمة الاحتكار خلال فترة الدراسة لتحديد أسعار بيع أمهات الدواجن والكتكوت، ما أدى إلى حرمان المواطنين، خاصة محدودى الدخل من توافر بديل ذى جودة وسعر مناسب، خاصة فى ظل ارتفاع أسعار اللحوم الأخرى بجميع أنواعها، وأضافت أنه بالرغم من أن سوق الدواجن فى مصر عانت خلال مراحل عديدة مشاكل كثيرة واضطرابات، خاصة فى الفترة الأخيرة، من نقص وقود وإضرابات عمالية وعدم استقرار أمنى وارتفاع أسعار العلف مع انخفاض قيمة الجنيه المصرى، شأنه فى هذا الصدد شأن غيره من الأنشطة الإنتاجية الأخرى، إلا أن جهاز حماية المنافسة قد ثبت له بعد الفحص والدراسة العميقة للسوق أن أحد أهم الأسباب التى أسهمت فى هذه الاضطرابات هو مخالفة بعض منتجى الدواجن لقانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية خلال الفترة محل الدراسة. وأوضحت أن تلك الشركات المخالفة قد دأبت على التلاعب فى أسعار منتجها من خلال الاتفاق على رفع أو تثبيت أو خفض الأسعار على نحو أضر بالمستهلكين بالدرجة الأولى من ناحية، وبالمنتجين المنافسين المحتملين من ناحية أخرى؛ حيث إن الشركات المخالفة حرصت على الحد من توافر أى منتج ذى سعر أفضل من خلال الاتفاقات المخالفة فيما بينها، لافتة إلى أنه بالرغم من التفهم التام لطبيعة ما تمر به هذه الصناعة من تحديات تعانيها الكثير من الصناعات الأخرى، بما قد يتطلب مساندة ودعم بعض أجهزة الدولة، فإنه قد ثبت للجهاز على نحو قاطع مخالفة 24 شركة من شركات الاتحاد العام لمنتجى الدواجن لقانون حماية المنافسة، الأمر الذى كان لا يمكن غض الطرف عنه، بل وقد دأبت تلك الشركات على القيام بممارسات احتكارية على نحو ألحق الضرر بالمواطنين، فى الوقت الذى نجحت فيه هذه الشركات فى تحقيق قدر أكبر من الاستقرار المالى وتحقيق عائد للاستثمار بلغ 54% لدى بعض منها رغم ما كانت تواجهه صناعة الدواجن من أزمات. فى المقابل، لم ينف الدكتور نبيل درويش، رئيس مجلس إدارة اتحاد منتجى الدواجن، وجود مراسلات عبر الهاتف المحمول بين الشركات الأعضاء بالاتحاد، لكن ليس كما ذكر الجهاز فى دراسته التى لا تعلم الشركات الأعضاء عنها شيئا ولا عن قرار الإحالة، بل تقوم الشركات بالإبلاغ يومياً عن أسعار الأمهات والكتكوت بل سعر كيلو الدواجن لآخر يوم وفقاً لبورصة الدواجن الرئيسية بالقليوبية وليس لتحديد سعر البيع اليومى كما جاء فى دراسة جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية. وقال «درويش» ل«الوطن»: إن الدراسة التى أعلن عنها جهاز حماية المنافسة مؤخراً كانت عن الفترة من 2008 إلى نهاية 2010، تلك الفترة التى فتح فيها باب استراد الكتكوت من الخارج، الأمر الذى يؤكد احتياج السوق المحلية إلى كميات كبيرة من الكتاكيت ويؤكد أيضاًً عدم قدرة الشركات على تلبية احتياجات السوق اليومية التى تصل إلى أكثر من 1٫5 مليون طائر يومياً وتصل فى المواسم (شهر رمضان والعيدين) لنحو مليونى طائر. وأضاف رئيس اتحاد منتجى الدواجن أنه لا يعترض على قرار جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، رافضاً ما يتم تداوله عبر وسائل الإعلام من أن الاتحاد تخلى عن أعضائه. وأشار إلى أنه جار الإعداد لاجتماع عاجل لأعضاء الاتحاد لكشف تفاصيل آلية إرسال تلك الرسائل القصيرة لأسعار اليوم السابق وليس لتحديد السعر. وكشف رئيس اتحاد منتجى الدواجن عن وجود 22500 مزرعة دواجن على مستوى الجمهورية متنوعة ما بين المحطات الكبيرة والعنابر الصغيرة، ولا يمكن أن يتم تحديد سعر الدواجن من هذا العدد الكبير من المزارع فى الأسواق، ولا يمكن أن يتفقوا بهذه الأحجام الكبيرة، خاصة أن قوى العرض والطلب هى التى تحكم الأسواق، لافتاً إلى أن قطاع الدواجن، خاصة فى الفترة التى أشار إليها الجهاز، حقق خسائر فادحة لعدة أسباب، على رأسها أزمة أنفلونزا الطيور التى تسببت فى إغلاق 20% من إجمالى المزارع وقتها، إضافة إلى الارتفاع الجنونى لأسعار الأعلاف التى قفزت من 700 جنيه إلى أكثر من 2300 جنيه فى أقل من ثلاث سنوات، أضف إلى ذلك القرارات المتتالية بزيادة أسعار المواد البترولية قبل وبعد الثورة التى بدورها تمثل عبئا إضافيا على مدخلات إنتاج الصناعة نفسها. وبين قرار جهاز حماية المنافسة بإحالة الشركات إلى النيابة وثقة اتحاد منتجى الدواجن فى براءة أعضائه يظل المواطن المصرى يدفع فاتورة غياب الإدارة الواعية للملف الاقتصادى بحسب رؤية الدكتور عبدالعزيز السيد، رئيس شعبة الثروة الداجنة باتحاد الغرف التجارية، الذى أكد وجود خلل كبير يجتاح صناعة الدواجن فى مصر مدفوعا بحالة الانفلات الأمنى التى تشهدها مصر بعد الثورة، لافتا إلى أن القضية تؤكد أنه آن الأوان لتصحيح الادعاء الخاص بالاكتفاء الذاتى من إنتاج الدواجن والمطالبة بالحماية الجمركية الفعالة وإغفال حقوق المستهلك وحمايته من ارتفاع أسعار أرخص مصادر البروتين الحيوانى، فإذا ما أعيد بناء هذه الصناعة على أسس سليمة فتجب حمايتها من نفسها أولا وأن يتم تبنى الممارسات القياسية التى تتبعها الشركات العالمية العاملة فى هذا المجال والالتزام بتطبيق قواعد الأمن والأمان الحيوى فى كل المزارع الإنتاجية والمواصفات وشروط الترخيص.