حال الكرة الألمانية فى السنوات الأخيرة وما وصل إليه بايرن ميونيخ وبروسيا دورتموند فى مباراتى الذهاب أمام برشلونة وريال مدريد بدورى الأبطال الأوروبى، بصرف النظر عن نتائج العودة، يذكرنى بقول المتنبى: إذا رأيتَ نيوب الليث بارزةً.. فلا تظننَّ أن الليثَ يبتسم فالألمان دائماً ما يعملون بصمت ليفاجأ العالم بكل ما هو مذهل. ابتعد الألمان لفترة عن الفوز بالبطولات أو المنافسة عليها لدرجة أن المنتخب خرج من الدور قبل النهائى لمونديال 2006 الذى نظمته، وهى التى تنافس دائماً على لقب المونديال. وفى يورو 2000، خرجت «الدبابات» من البطولة بطريقة كارثية هزت أركان الدولة الألمانية، حيث ودع حامل اللقب البطولة من دور المجموعات بنقطة وحيدة وبهدف وحيد سجله «مميت شول» فى مرمى المنتخب الرومانى، وكانت مشاركة نادى إنرجى كوتبوس فى موسم 2001 بتشكيلة خلت من أى لاعب ألمانى، قشة قصمت ظهر البعير الألمانى، مما دفع القائمين على البوندزليجا إلى إعادة النظر فى كل ما يتعلق بالكرة الألمانية، خصوصاً الاهتمام باللاعب المحلى وتطويره بشكل ينافس المحترف الأجنبى الذى كان سبباً رئيسياً فى إضعاف الأندية فنياً، وإرهاقها مالياً، فكان سبباً فى إبعادها عن المنافسة الأوروبية. مع انطلاق عام 2002 وضع ماير فورفيلدر، رئيس الاتحاد الألمانى، يده على المرض الذى ضرب جسم الكرة الألمانية، فبدأ الاجتماع مع ممثلى 36 نادياً فى حضور ممثلين للشركات الاستثمارية والإعلام، لوضع إصلاحات جذرية وقوانين إلزامية، تهدف لحل مشكلات الأندية الألمانية، فكان قانون إجبار الأندية الألمانية من الدرجتين الأولى والثانية على إنشاء أكاديميات كرة قدم بمواصفات محددة، تسمح بتخريج مواهبَ شابة ألمانية، قادرة على منافسة المواهب الأجنبية التى تُرهق ميزانية الأندية، ووصل عددها إلى 38 أكاديمية فى العام الأول، إضافة إلى 360 مدرسة مهمتها اكتشاف المواهب، فظهر جيل ألمانى ضم مواهب متعددة منها توماس مولر وأوزيل وجوتزه وتونى كروس وماتس هاميلز ووبودلسكى وغيرهم من الذين تتنافس عليهم أكبرُ أندية أوروبا لضمهم كنجوم فى صفوفها. وبعد وقت قليل كانت إفرازات تلك المدارس والأكاديميات تشكل نسبة لا بأس بها من لاعبى البوندزليجا. ثم فطن الألمان إلى أهمية الاعتماد على اكتشاف مواهب من الدوريات الصغيرة مثل سويسرا وبولندا وبلجيكا لنرى نجوماً بحجم السويسرى شاكيرى فى البايرن والبولندى ليفاندوفيسكى فى دورتموند، مما زاد البوندزليجا قوة. العظيم «فورفيلدر» لم ينسَ أيضاً أن يضع جانباً إلزامياً للأندية بألا تنفق أكثر من 40% من إيراداتها على رواتب وتعاقدات اللاعبين، فى حين تقومُ أندية أوروبية أخرى بصرف أكثر من ثلثى إيرادات الميزانية على شراء اللاعبين ورواتبهم ليضع حلاً سحرياً للأندية فى بلاده لتحقيق أرباح مذهلة. المهم أن ما وصلت إليه الكرة الألمانية يثبت ذكاء الإسبانى جوسيب جوارديولا، المدير الفنى السابق لبرشلونة، الذى كان سابقاً عصره باختياره تدريب البايرن، رغم العروض الكثيرة التى انهالت عليه، حيث كان يرى ما لم يره كثيرون، من أن البايرن هو فريق الأحلام القادم، وأن جوارديولا هو مدرب الأحلام بعدما حقق مع البارسا 14 بطولة فى 4 سنوات.