هو أحد أبرز معالم وسط القاهرة وميدان التحرير، كان يمتلئ عن آخره، ويزدحم الشارع بالسيارات الفارهة، عندما كان يعلن عن وفاة أحد كبار الدولة أو الأثرياء والفنانين والمفكرين، لكنه تحول فى يوم وليلة، من مقر لعمل سرادقات العزاء، إلى أحد أهم رموز الثورة المصرية، فكان أيام الثورة الأولى يمثل مصلى ومستشفى للثوار، يعرفه المصريون ويأتونه إليه من كل مكان، هو مسجد «عمر مكرم». مسجد عمر مكرم الذى تحول، مثله فى ذلك مثل العديد من المساجد عقب الثورة، إلى منبر سياسى وليس منبراً دعوياً، حيث اشتهر خطيبه «مظهر شاهين» الذى عُرف منذ الأيام الأولى للثورة المصرية بلقب «خطيب الثورة»، وفيما بعد، عقب نجاح الثورة فى خلع الرئيس مبارك، فإن المسجد لم يعد لطبيعته الأولى، على العكس تماماً واصل خطيبه الطريق الذى حدده لنفسه دون الالتفات للأصوات المعارضة التى حاولت إيقافه. يقول يوسف قناوى، 30 سنة: «أنا بأصلى فى عمر مكرم لأنه قريب من مكان شغلى فى وسط البلد»، يرى قناوى أن كل إمام يخطب فى مسجد معروف الآن يريد أن يصبح بطلاً، والناس تتحدث عنه، قائلاً: «أئمة كتار قوى ما بيتكلموش فى قال الله وقال الرسول، ولكن بيتكلموا فى السياسة لأغراض معينة، إلا من رحم ربى، فكل واحد فيهم بقى عايز يكون قائد والناس تتكلم عنه». يتحدث قناوى عن مسجد عمر مكرم وإمامه مظهر شاهين قائلاً: «أنا سمعت إن الشيخ مظهر شاهين موقوف عن العمل، ولكنه ما زال بيخطب، فأنا عايز أقول له: لو انت فعلاً محبوب، وخطيب للثورة فاحترم القرار اللى صدر فى حقك»، مستنكراً فى حديثه ما يفعله الشيخ مظهر وغيره من الأئمة، حيث يرى أنهم حولوا منابر المساجد من الحديث فى الدين إلى الحديث فى السياسة.. «الإمام لو عايز يتكلم فى السياسة ما يتكلمش على منبر المسجد، إنت شيخ مش سياسى، فأنا كمصلى داخل المسجد آخد معلومة فى الدين وأتعلم دينى، مش أسمع كلام يتقال فى غير مكانه». يروى الرجل الذى يسكن فى حى المطرية أنه كان يذهب لأداء الصلاة فى مساجد الجمعيات الشرعية، لأنه يعلم قدر الاستفادة من الحديث داخلها عن الدين والحديث فى السنة والسيرة والفقه وغيرها من علوم الدين، ولكن سرعان ما تحولت هى أيضاً إلى منابر سياسية، على غرار القنوات الفضائية الدينية، التى انتقلت من الحديث عن الدين إلى الحديث فى السياسة، قائلاً: «الواحد مش عارف الناس دى ليه اتغيرت كدا، إمبارح كان يقول قال الله ورسوله، والنهارده يسبّ فى الحزب المضاد له، أو أى حد يعارضه فى الرأى، وكأن البلد دى بتاعتهم واحنا خدناها منهم، وبيعاقبونا بعد ما رجعت لهم». يختم الرجل حديثه قائلاً إنه أصبح يختنق من حضور خطبة الجمعة بمسجد عمر مكرم، بعدما يدخل المسجد فلا يجد الإمام إلا ويتحدث عن السياسة، ولا يعطيه أى معلومة عن دينه فى المكان الذى لجأ إليه حتى يتعلم أمور دينه ولو ساعة، قائلاً: «المسجد تحول من منبر للدين وتعاليم الإسلام، إلى منبر سياسة والحديث فى أمور الأحزاب والصراعات السياسية، وهو ما لم يعد على خطى رسولنا الكريم والصحابة من بعده». أخبار متعلقة: المساجد.. منصات سياسية الأزهر: ألف عام من الوسطية .. ولا عزاء للمتشددين "الشهداء" .. معقل المقاومة من العدو الإسرائيلي إلي مرسي ونظامه "العارف".. قبلة المتظاهرين في الصعيد «أسد بن الفرات»: لا مانع من السياسة إذا كان المتحدث «أبوإسماعيل» الزوايا خارج سيطرة "الأوقاف" .. دعاة متطوعون والسياسة "وجبة رئيسية" «القائد إبراهيم» تاريخ لا يعرفه الإخوان ولا المعارضة «النور».. شاهد على ثورة يناير.. ونقطة انطلاق المظاهرات