«المنطقة بالكامل كانت نشيطة زمان بسبب الفنادق، ودلوقتى كل شىء فى المنطقة بدأ يموت حتى السياحة والفنادق» هكذا يصف المهندس المدنى عاطف عبدالفتاح، الذى يعمل بمنطقة جاردن سيتى، كيف تبدل الحال من نقيض إلى نقيض، من نشاط إلى كسل، بما فى ذلك حال الفنادق التى تبرز كأهم معالم جاردن سيتى، التى بات نزول السائحين وغير السائحين بها أمراً غير مألوف بالنسبة لعبدالفتاح. بنايات مرتفعة، وواجهات زجاجية وتصاميم مبتكرة، ومداخل رخامية فخمة وسيارات فارهة تصل بمن فيها إلى باب زجاجى، فيفتح أحدهم الباب لراكبى السيارة، هى أسماء معلومة تُستخدم كدليل لوصول التائهين، وأضواء مبهرة من خلف الواجهات الزجاجية؛ هكذا هى فنادق جاردن سيتى الشهيرة المطلعة على النهر. وفقاً لعبدالفتاح فإن وجود الفنادق فى أى مكان لا بد أن يكون سبباً فى جعل ذلك المكان حيوياً، لكن طبيعة المنطقة هى التى أثرت بالسلب على الفنادق، فالحدود الجغرافية لمنطقة جاردن سيتى مع ميدان التحرير جعلتها فى مهب الاشتباكات، فيقول عبدالفتاح «للأسف وقوع الأحداث جعل المنطقة تتراجع بشكل كبير وتردت الأوضاع تماماً عن السابق». من مظاهر ذلك التردى، التردى فى الناحية الأمنية التى يعتقد عبدالفتاح أنها أكثر النواحى التى شهدت تردياً فى الفترة الأخيرة؛ رغم أنه من المفترض مكان دائم السخونة بفعل ما فيه من منشآت فندقية وسفارات ومبانٍ حكومية خدمية ووزارات وما إلى ذلك. قبل الثورة، كان خالد السيد، الموظف بقصر ثقافة الطفل، دائم الاحتكاك بالسائحين النزلاء بفنادق جاردن سيتى الشهيرة؛ فكان البعض منهم يستأذنه أن يلتقط له ولمن معه صوراً تذكارية على كورنيش النيل «النهاردة لو شوفت سائح واحد أو اتنين يبقى خير وبركة» يقول خالد. فى الوقت الحالى، سيارات الأمن أصبحت تثير تساؤل السائحين وتخوف المصريين «السياح لما بيشوفوا عربيات الأمن الموجودة عند الفنادق والسفارات حالياً بيسألونا ليه الأمن موجود هنا بالكثافة دى، وإحنا بنحاول نطمنهم إنه حالياً مفيش أى خطورة لكن الأمن موجود علشان كان فيه أحداث هنا؛ لكن الحقيقة بيفضل عندهم قلق ده سبب قلة أعداد السياح» هكذا يرى خالد. لا يخلو كلام خالد السيد من المقارنات بين ما كان وما هو كائن، بين الماضى والحاضر؛ فيقول «بحكم شغلى جنب الفنادق فى قصر ثقافة الطفل أقدر أقول إن السياح خفوا عن الأول جداً، فى البداية كانوا بينزلوا فى فنادق جاردن سيتى المشهورة «شيبرد» و«سميراميس» و«جراند حياة» و«فورسيزونز» وغيرها دلوقتى قليل لما نشوف اتنين تلاتة سياح على بعض». يقول خالد «الفنادق زمان كانت مصدر خير، دلوقتى كلها اتضربت بعد الأحداث اللى ورا بعض؛ لدرجة إن العمال فيها عملوا وقفات فى الفترة الأخيرة لأن مرتباتهم قلت واتأخرت وده طبعاً مرتبط بالسياحة اللى واقفة من زمان كانت أفواج السياح تنزل على الكورنيش تنعش حركة النوادى والمراكب والمطاعم، ودلوقتى مفيش خالص». «الأسوار والجدران العازلة بقت أكتر من السياح والبنى آدمين كلهم» هذا ما يراه عاطف عبدالفتاح، الذى يعمل بجاردن سيتى، ويضيف عليه أن «نزلاء الفنادق خصوصاً من السياح قلّوا فى الفترة الأخيرة جداً، وأنا لو مكانهم مش هاجى، إذا كنت أنا كمصرى مش آمن على نفسى». الكثير من نزلاء الفنادق وكل العاملين بها هم زبائن لدى عبدالفتاح، صاحب أحد مطاعم السندويتشات الصغيرة بجاردن سيتى، يقول عبدالفتاح «الفنادق كانت مصدر رزق لناس كتير اللى شغالين فيها واللى براها، وكانت ونس للمكان بأنوارها ومبانيها الجميلة دلوقتى السياحة اتضربت ومعدناش شايفين أى شىء جميل».