سرب من الطائرات يقصف البيوت الآمنة.. بكاء وعويل من النسوة والأطفال العزل وهم يرون وابلاً من الرصاص يدمر معانى الأمان فى حياتهم، لم تجد «مريم» المرأة السورية أمامها حلاً سوى الهرب من إدلب بسوريا إلى الحدود التركية ركضاً حافية هى وأطفالها الثمانية، لينتهى بها الحال للإقامة فى حظيرة حيوانات. «مريم» تلك المرأة التى جسدت أقصى درجات المأساة الإنسانية، تشعر بالأمان وسط الحيوانات أكثر من شعورها بالأمان فى سوريا، جلست بالجلباب الذى هربت به وسط أطفالها، تحكى معاناتها فى فيديو بثته «العربية نت»، فالنوم وسط الحيوانات بالحظيرة ليلاً هو ما حصلت عليه من إحدى السيدات التركيات تدعى «أم ماهر»، أما صباحاً فعليها هى وأولادها إطعام الحيوانات والعناية بهم كثمن لتلك الإقامة، بعد أن سُدت الأبواب فى وجهها وبعد أن تركت كل ما تملك بسوريا. مساعدات المحسنين هى إجابة «مريم» حول كيفية استمرارها فى العيش هى وأطفالها، التى تكون فى الغالب طحيناً تصنع به خبزاً من أجل إطعامهم، قد يجدونه أحياناً وفى أحيان كثيرة لا يجدونه، لكنه فى النهاية أفضل من نيران بشار. أما هؤلاء الأطفال الذين وجدوا أنفسهم فجأة بلا أقارب، بلا مدارس، بلا جيران، بلا وطن.. فقد قرروا التخلى عن معنى الطفولة ومساعدة أمهم؛ فخالد الابن الأكبر وشقيقته يقومان بالعناية بالحظيرة وتنظيفها وإطعام الحيوانات من أجل استمرار العيش، وعلى الرغم من ذلك كله يعبر خالد ذلك الشاب الذى تبدو علامات الفقر على ملابسه المهلهلة والتراب يكسو ملامحه والحزن بادٍ على عينيه، عن اشتياقه لوطنه قائلا: «يطعموننا لأجل ما نطعم الحيوانات.. إيش الواحد يعمل؟ الواحد اشتاق لوطنه وللمدرسة ولبيته ولأهله ولناسه».