«بص يا باشا.. مصر دى عاملة زى الست اللى حظها وحش فى الرجالة.. رغم إن هى بتحب بجد، وتتحب بجد».. يقولها مليجى قبل أن يشتم بكلاكس التاكسى الأبيض الBYD أو «البيض» كما يحلو له أن يسميه، ولا بد أن زفرتى كانت بحرقة للدرجة التى جعلته يسترسل فى الموضوع: «مصر دى يا باشا مش بلد وحركات وأغانى وطنية وماتش كورة.. مصر كيميا.. ليك فى الكيميا يا باشا؟». قلت له: آه، فعاجلنى: بتضرب ترامادول ولا أبوصليبة؟ هههههه.. خخخخخخ.. فعلها مليجى كعادته.. ضرب الإفيه كما لم أتوقعه، لكنه أثار الذكريات الجميلة والشجون التى لا تنتهى بعد أن قطع ضحكاته وأصواته الحنجرية الرهيبة ليسألنى: تفتكر مصر هترجع تانى يا باشا؟ وما المسئول أعلم من السائل يا مليجى. أعطينا لمصر ظهورنا جميعاً بعد ثورة عظيمة فأخذت على خاطرها وقررت أن تعاقبنا. يقول مليجى: «هى مصر راجعة راجعة.. أنا متأكد.. بس المهم لما ترجع تلاقينا». مليجى اليوم حزين. صوته مجروح. ضحكه مكسور. ألمه النبيل المستتر فى وقاحته و«أباحته» أحياناً يطل من بين إفيهاته. «انت عارف يا باشا؟ أيام حسنى مبارك كنا بنواجه عالم ظالمة ما تعرفش ربنا صحيح بس معلمين.. عارفين همّ عايزين إيه.. يشدوا ويرخوا.. حفظونا وفهمونا وخدنا عليهم بس كانوا فجرة.. عشان كده غاروا.. إنما دلوقتى انت بتتعامل مع صبيان.. تباعين يا باشا والله من اللى عايزين يخموك فى شلن وبريزة، ما انت بتركب وعارف.. ولا انت مش بتركب؟ اوعى يا باشا تكون مش بتركب لحسن أزعل عليك».. يكمل مليجى الههههههههه والخخخخخخخخ بينما أحافظ على ثباتى الانفعالى فيكمل: «عارف يا باشا المشكلة فى إيه؟ إننا كنا فى لحظة ممكن نخاف من الفضا اللى فى الشوارع لحسن حد يثبتنا.. دلوقتى احنا بقينا بنخاف من الزحمة». يكمل مليجى عزفه المنفرد على أوتار الألم: «طب أنا وحشنى يوم الجمعة بتاع زمان.. وحشنى الجامع بتاع زمان اللى كان آخره الشيخ يجيب فيه سرك ويبصلك من تحت لتحت وكل الناس فاهمة.. وحشنى عالم الحيوان بتاع الأستاذ محمود سلطان بعد الصلاة.. دلوقتى الحيوان نفسه ما بيوحشنيش.. بيطلع فى الجرايد كل يوم». لا أحب التجاوز، لكن مليجى يظل معبراً عن هؤلاء الذين لا يخشون شيئاً ولا يعتبرون العيب عيباً لأنه جاء كرد فعل. «طب يا باشا ما انت شايف أهه. مفيش أمن عِدل والبلطجية لسه شغالين.. الأراضى بتتاخد وضع يد.. المبانى عمالة تطلع وتزيد.. الشيوخ بيتخانقوا ع اللى يقول الخطبة.. الجنازة بتتضرب.. الكنيسة بتتضرب بالغاز هى كمان.. واللى بيتشد فى أى قضية عشان بيبلطج بيبقى شهيد حرية الرأى ويجيبوله صورة فى الميدان فيبقى من الثوار.. طب ما انا طول عمرى لما أتزنق أنزل ألبى نداء الطبيعة جنب الميدان.. أبقى ثوار؟».. أهم بمقاطعته فيسترسل: «حتى الجامعة فيها بلطجية.. المستشفيات مش متأمنة.. النور بيقطع وهيقطع.. الزبالة فى كل حتة.. السولار فى الضياع.. الدولار بيفحتنا.. ده غير الاعتصامات والوقفات وقطع الطريق والإضرابات.. حاجة زفت. بالك لما بتخنق بعمل إيه؟ أخلى الواد يفتح لى فيديوهات الفضايح بتاعتكم دى». أحاول أن أغير مجرى الحديث فأسأله عن آخر فضيحة رآها فيرد: دى ما كانتش فيديو.. دى بشوفها كل يوم فى الصفحة الأولى.