كان يحدق ببصره فى شرفات منزل مجاور لمنزله بشارع سوق الخميس، وكأنه يبحث عن إنسان افتقده لسنوات، لم يكن محمود شعبان يتفقد آثار الدمار التى لحقت بالمبنى بعد حرقه، لكنه كان يراقب شرفات المنزل لعله يشاهد أحداً من أسرة قتلة شقيقيه، ويقول بصوت ممزوج بالمرارة والحسرة: «مش هسيب دم إخواتى محمد ويوسف يروح هدر، المفتريين ضربوا إخواتى الاثنين بالنار فى وسط الشارع»، ثم يتحرك عدة خطوات ليبتعد عن أقاربه وأصدقائه الملتفين حوله ليخفى دموعه التى لم يستطع حبسها وهو يحكى ما حدث لشقيقيه اللذين دفعا روحيهما ثمناً لإنقاذه من بطش المتهمين. محمود شعبان، 17 سنة، كان يسير فى شارع سوق الخميس بالمطرية وعندما حاول العبور من أمام محمد.ف، سائق توك توك، نشبت بينهما مشادة كلامية، وسرعان ما تطورت إلى التشابك بالأيدى وحضر أشقاء المتهم وانهالوا بالضرب عليه حتى سقط على الأرض وتمزقت ملابسه، وعندما شاهدت شقيقة محمود ما تعرض له شقيقها أثناء وقوفها فى شرفة منزلها استغاثت بشقيقيها يوسف ومحمد لتخليص شقيقهم من أيدى المتهمين الذين انهالوا على الأخير بالضرب وأطلقوا عليه طلقتين من فرد خرطوش فى رأسه وصدره، فسقط على الأرض غارقاً فى دمائه ولفظ أنفاسه الأخيرة فى مستشفى الزيتون التخصصى، فى حين تعرض شقيقه «يوسف» للضرب من المتهمين عندما ارتمى على شقيقه محاولاً حمله ونقله إلى المستشفى، لكنه لحق بشقيقه وفارق الحياة أثناء محاولات إسعافه داخل غرفة الرعاية المركزة فى مستشفى الزيتون التخصصى. «اللى هينطق بكلمة واحدة من اللى واقفين هنقتله زيهم»، هذه الكلمات كانت عبارة عن إشارات تحذير وتهديد من المتهمين للمارة الذين حاولوا التدخل لمنع المتهمين من إطلاق الأعيرة النارية على المجنى عليهما، واستمروا فى إطلاق الأعيرة النارية فى الهواء بعدما تمكن أقارب القتيلين من حملهما فى سيارة ميكروباص إلى المستشفى لإسعافهما، حتى نجحوا فى الهروب قبل وصول المقدم وائل متولى، رئيس مباحث المطرية، ومعاونيه الرائدين محمد مكاوى وأحمد يحيى اللذين تمكنا من القبض على 3 من المتهمين بعد ساعتين من الجريمة، وتم اقتيادهم إلى قسم شرطة المطرية وتحررت ضدهم محاضر وتمت إحالتهم إلى النيابة التى قررت حبسهم على ذمة التحقيق. عمت الفوضى شارع سوق الخميس فى منطقة العقاد بالمطرية بعد سقوط القتيلين «محمد ويوسف شعبان» اللذين تعرضا للضرب بالخرطوش أمام المئات من أهالى المنطقة، حيث تجمع العشرات من الأهالى للفتك بالمتهمين الذين فروا هاربين عقب الجريمة وأشعلوا النيران فى منزل المتهمين، بعدما تزايدت حدة الغضب لدى أقارب المجنى عليهما وجيرانه الذين قرروا التصدى للمتهمين، واستمرت النيران فى المبنى حتى حضرت سيارات الإطفاء وتمكنت من السيطرة على النيران قبل امتدادها إلى المساكن المجاورة، بعد أن حضرت قوات الأمن المركزى ومباحث المطرية التى تمكنت من السيطرة على الموقف، وانتقلت المباحث والنيابة إلى المستشفى وتمت مناظرة جثتى القتيلين وتبين وجود آثار أعيرة خرطوش فى مناطق متفرقة من جسديهما أدت لتعرضهما لنزيف داخلى حاد فى الدورة الدموية وفارقا على أثرها الحياة. «اشترى بدلة الفرح وكان بيفرجها على زميله فى سوق الخميس، كان فرحه بعد شهرين، لكن الفرحة مكملتش»، هذه كلمات تحدثن بها شقيقات القتيلين، حيث أكدت إحداهن وتدعى هبة أن المتهمين تشاجروا مع شقيقيها قبل عام بسبب وجود خلافات على مكان فرشة خضار فى سوق الخميس، لكن الخلافات انتهت بعدما تدخل المارة والبائعون فى السوق وانقطع التعامل بين أشقائها والمتهمين الذين حاولوا الاعتداء على أشقائها عدة مرات سابقة، إلا أنهم رفضوا التشاجر مع المتهمين حقناً للدماء وحفاظاً على عملهم كتجار فى السوق، لكن المشاجرة تجددت منذ أيام عندما اعتدى أحد المتهمين، ويدعى محمد.ف 20 سنة، سائق توك توك على شقيقها الأصغر «محمود»، أثناء محاولة الأخير عبور الطريق من أمامه، وعندما شاهدت قرابة 5 من المتهمين يمزقون ملابسه، أسرعت واتصلت بشقيقها محمد وأخبرته بالواقعة، فحضر بعد قرابة 5 دقائق وعندما شاهده المتهمون يقترب منهم أطلقوا عدة أعيرة نارية فى الهواء لإرهابه، فأخبرهم بأنه لا يحمل أى أسلحة نارية وأنه حضر لاصطحاب شقيقه الصغير فقط ولا يريد التشاجر مع أحد، إلا أنهم انهالوا عليه بالسباب والشتائم وأمسك أحدهم بفرد خرطوش وأطلق عليه عدة أعيرة نارية استقرت فى جسده، فأسرعت بصحبة شقيقها «يوسف» لإسعاف شقيقهما «محمد»، لكنها فوجئت أثناء حملها «محمد» بمساعدة «يوسف» بقيام المتهمين بإطلاق الرصاص على الأخير وسقط بجانبه مصاباً بعدة أعيرة نارية ولفظ الاثنان أنفاسهما الأخيرة فى المستشفى.