مات فى الظلام ودُفن أيضاً فى الظلام، بهذه الكلمات بدأ مكرم كامل تقلا، والد داود، مبيض المحارة الذى قتل فى أحداث العنف الطائفية التى شهدتها مدينة الخصوص بالقليوبية، حديثه والدموع تنهمر من عينيه. يقول مكرم: «ابنى دفع حياته ثمناً لطيبة قلبه، وكان يبلغ من العمر 34 سنة، ويعول أسرة مكونة من 3 أطفال، وأمهم، وبعد أن ضاقت سبل العيش فى قريتنا الفقيرة اتجه إلى القاهرة برفقة أشقائه جودة، وكيرلس، وعيسى بحثاً عن عمل شريف يسد به أفواه أطفاله الصغار، وكان يعمل مبيض محارة وعاد إلينا بقميصه الملطخ بدماء الغدر». ويكمل الأب المكلوم قائلاً: «قبل أسبوع من مقتله اتصل بى وأكد لى أنه سيأتى على العيد، ولم أكن أعرف أن هذه هى المرة الأخيرة التى أسمع فيها صوته، وكلما أنظر إلى أطفاله الثلاثة أشعر بالحسرة والأسى لأن والدهم راح ضحية دون أن تقترف يده ذنباً أو إثماً وكل ما فعله أنه كان يسير فى الشارع»، ووجه مكرم رسالة للرئيس محمد مرسى قال فيها: «دم ابنى فى رقبتك، أنت رئيس لكل المصريين، وخف إيديك على المسيحيين شوية، دول ولاد البلد». ويروى كيرلس مكرم شقيق القتيل، تفاصيل الحادث، قائلاً «بعد أن أنهينا عملنا فى منطقة عزبة النخل، أصر شقيقى على التوجه لمنطقة الخصوص للاطمئنان على شقيقنا عيسى، المقيم فى المنطقة نفسها، وعندما وصلنا، وجدنا الحى مظلماً، والكهرباء مقطوعة، وفجأة استوقفنا 4 أشخاص لا نعرفهم وسألوا إنتم مين، ورايحين فين؟ وعندما عرفوا أننا مسيحيون، وشاهدوا وشماً بذراع شقيقى داود، انهالوا عليه بالضرب، وطعنه أحدهم طعنة نافذة بمطواة، وبمساعدة بعض سكان المنطقة نقلته إلى مستشفى المطرية بتوك توك، وهناك تقرر نقله لمستشفى الخانكة، وفى الطريق لفظ أنفاسه الأخيرة متأثراً بجراحه». تقول سامية، زوجة عيسى، شقيق المجنى عليه، «نعيش بجوار كنيسة مارى جرجس بالخصوص، وبعد وقوع الاشتباكات بين المسلمين والمسيحيين تحولت المنطقة لجحيم، وأصبحنا محاصرين فى المنازل، وكنا نسمع دعاوى بمسجد مجاور لنا بالخروج وضرب أى شخص مسيحى، وكان داود على اتصال مستمر بنا للاطمئنان علينا، ونصحته بألا يقترب من المنطقة خوفاً من تعرضه لمكروه». ويقول شقيقه عيسى سائق توك توك ويبلغ من العمر 27 سنة: «حسبى الله فى الظلم الذى يتعرض له المسيحيون ودماء الأبرياء التى تستباح بدون ذنب». ويقول عادل صبحى، مهندس زراعى، ابن عم المجنى عليه: «داود كان يعشق وطنه، وغيوراً على دينه، وكان يتمنى دائماً الشهادة، وعندما وقعت أحداث نجع حمادى، وبعدها حادث كنيسة القديسين اتصل بى وقالى لى، عايز أموت شهيد، وحرام اللى بيحصل فينا». وتقول زوجته سامية ملاك: «ماذا أقول لأولادى، فزوجى داود كان العائل الوحيد لنا، ووالده رجل فقير، وترك لى لارينا بالصف الخامس الابتدائى، وإيرينى بالصف الثانى الابتدائى، وكراس عمره 3 سنوات، وأنا حامل بجنين فى الشهر الرابع، وأحمّل دمه فى رقبة الرئيس مرسى، وأقول له حرام عليك، يتّمت العيال الغلابة المساكين، وحرمتهم من أبوهم».